والتقاؤهما ان الدهر إنما هو مرور الليل والنهار وتصرُّم أجزائهما فكلّما مضى جزء منه خَلفَه جزء آخر يكون عِوضا منه فالوقت الكائن الثاني غير الوقت الماضي الأول فلهذا كان الِعوض أشدّ مخالفة للمعوَّض منه من البدل .
وقد ذكرت في موضع من كلامي مفرٍد اشتقاق أسماء الدهر والزمان وتقصّيته هناك وأتيت أيضا في كتابي الموسوم بالتعاقب على كثير من هذا الباب ونهجت الطريقَ إلى ما أذكره بما نبّهت بِه عليِه .
باب في الاستغناء بالشىء عن الشىء .
قال سيبويِه واعلم ان العرب قد تستغني بالشىء عن الشىء حتى يصير المستغنىَ عنه مُسقَطا من كلامهم البتَّة .
فمن ذلك استغناؤهم بتَركَ عن وَدَع ووَذِر فأمَّا قراءة بعضهم ( ما ودَعك ربّك وما قلى ) وقولُ أبي الأسود حتى وَدَعه فلغة شاذّة وقد تقدّم القولُ عليها