هنا فاعل في الصنعة كما انه فاعل في المعنى وكذلك تفسير معنى قولنا سرَّني قيامُ هذا وقعودُ ذاك بأنه سرَّني أنْ قام هذا وأن قعد ذاك ربما اعتُقد في هذا وذاك انهما في موضع رفع لأنهما فاعلان في المعنى ولا تستصغر هذا الموضع فإن العرب أيضا قد مَّرت به وشمَّت روائحه وراعته وذلك أن الأصمعي أنشد في جملة أراجيزه شعرا من مشطور السريع طويلا ممدودا مقيدَّا التزم الشاعر فيه ان جعل قوافيه كلها في موضع جرّ إلا بيتا واحدا من الشعر .
( يستمِسكون من حِذار الإلقاء ... مبتَلَعات كجذوع الصِيصاء ) .
( رِدِى رِدِى وِرْدَ قطاة صمّاء ... كُدْريَّةٍ أعجبها بَرْدُ الماء ) تطَّرِد قوافيها كلُّها على الجرّ إلا بيتا واحدا وهو قوله .
( كأنها وقد رآها الرؤاء ... ) والذي سوّغه ذاك على ما التزمه في جميع القوافي ما كنَّا على سَمتْه من القول وذلك أنه لمَّا كان معناه كأنها في وقت رؤية الرؤّاء تصوّر معنى الجرّ من هذا الموضع فجاز أن يَخِلطَ هذا البيت بسائر الأبيات وكأنه لذلك لم يخالِف