بسم الله الرحمن الرحيم .
باب في ترك الأخذ عن أهل المَدَرِ كما أُخِذ عن أهل الوبر .
عِلّة امتناع ذلك ما عَرَض لِلُغاتِ الحاضرِة وأهلِ المَدرِ من الاختلال والفساد والخَطَل . ولو عُلم أن أهل مدينةٍ باقون على فصاحتهم ولم يعترِض شئ من الفساد للغتهم لوجب الأخذ عنهم كما يؤخذ عن أهل الوبر .
وكذلك أيضا لو فشا في أهل الوبر ما شاع في لغة أهل المدَرِ من اضطراب الألسنة وخبالها وانتقاضِ عادة الفصاحة وانتشارها لوجب رفض لغتها وترك تلقِّي ما يَرِد عنها . وعلى ذلك العملُ في وقتنا هذا لأنا لا نكاد نرى بدوياّ فصيحا . وإِن نحن آنسنا منه فصاحة في كلامه لم نكد نعدَم ما يفسد ذلك ويقدح فيه وينال ويَغُضّ منه .
وقد كان طرأ علينا أحد من يَدَّعى الفصاحة البدوية ويتباعد عن الضَعْفة الحضرية فتلقينا أكثر كلامه بالقبول له وميزناه تمييزا حَسُن في النفوس موقعه