ومن طريف ما مرَّ بي في هذه اللغة التي لا يكاد يعلم بُعْدُها ولا يحاط بقاصِيها ازدحام الدال والتاء والطاء والراء واللام والنون إذا ما زجتهن الفاء على التقديم والتأخير فأكثر أحوالها ومجموع معانيها أنها للوهن والضعف ونحوهما .
من ذلك ( الدالفِ ) للشيخِ الضعيف والشيء التالف والطلِيف ( والظلِيف ) المجّان وليست له عِصمة الثمين والطَنَف لِمَا أشرف خارجا عن البناء وهو إلى الضعف لأنه ليست له قوّة الراكب الأساس والأصل والنَطَف : العيب ( وهو إلى الضعف ) والدنِف : المريض . ومنه ( التنوفة ) وذلك لأن الفلاة إلى الهلاكِ ألا تراهم يقولون لها : مهلكة وكذلك قالوا لها : بَيْداء فهى فعلاء من باد يبيِد . ومنه التُرْفة لأنها إلى اللين والضعف وعليه قالوا : الطرف لأن طَرَف الشئ أضعف من قلبه وأوسطه قال الله سبحانه ( أولم يَرَوْا أنا نأتي الأرض نَنْقُصها مِن أطرافِها ) وقال الطائيّ الكبير : .
( كانت هي الوسطَ الممنوعَ فاستَلَبت ... ما حولها الخيُل حتى أصبحت طَرَفا ) .
ومنه ( الفَرْد ) لأن المنفرد إلى الضعف والهلاك ما هو قال رسول الله المرءَ كثير بأخيه . والفارِط المتقدّم وإذا تقدّم انفرد انفرد