للدنيا ( أمّ دَفْرٍ ) سبّ لها وتوضيع منها . ومنه ( الفلتة ) لضَعْفَة الرأى وفثْن المِغزل لإنه تَثَنٍّ واستدارة وذاك إلى وَهْيٍ وضَعْفة والفَطْر : الشقّ وهو إلى الوهن .
الآن قد أَنَّستك بمذهب القوم فيما هذه حاله ووقفتك على طريقه وأبديت لك عن مكنونه وبقى عليك أنت التنّبُه لأمثاله وإنعام الفحص عمّا هذه حاله فإنني إن زدت على هذا مَللت وأمللت . ولو شئت لكتبت من مثله أوراقا مِئين فأْبَهْ له ولاطِفه ولا تَجْفُ عليه فيعُرضَ عنك ولا يَبْهأ بك باب في مشابهة معاني الإعراب معانيَ الشِعر .
نبّهنا أبو علي C من هذا الموضع على أغراض حسنة . من ذلك قولهم في ( لا ) النافية للنكرة : إنها تبنى معها فتصير كجزء من الاسم نحو لا رجل في الدار ولا بأس عليك وأنشدنا في هذا المعنى قوله .
( خِيطَ على زَفْرةٍ فتمَّ ولم ... يرجِع إلى دِقَّةٍ ولا هضَمَ ) .
وتأويل ذلك أن هذا الفرس لسعة جوفه وإجفار مَحْزِمه كأنه زَفَر فلمّا اغترق نَفَسه بُنى على ذلك فلزمته تلك الزفرة فصِيغ عليها لا يفارقها كما أن الاسم بنى مع لا حتى خُلط بها لا تفارقه ولا يفارقها وهذا موضع متناهٍ في حسنه آخذ بغاية الصنعة من مستخرِجه