ومن الحذف لاجتماع الأمثال قولهم في تحقير أحوى : أُحيّ فحذفوا من الياءات الثلاث واحدة وقد حذفوا أيضا من الثنتين في نحو هيّن ولين وسيد وميت . وهذا واضح فاعرف وقس .
( ومن ذلك قولهم عَمْبَر أبدلوا النون ميما في اللفظ وإن كانت الميم أثقل من النون فخففت الكلمة ولو قيل عنبر بتصحيح النون لكان أثقل ) باب في إقلال الحَفْل بما يلطُف من الحكم .
وهذا أمر تجده في باب ما لا ينصرف كثيرا ألا ترى أنه إذا كان في الاسم سبب واحد من المعاني الفرعية فإنه يقلّ عن الاعتداد به فلا يُمنع الصرف له فإذا انضمّ إليه سبب آخر اعتونَا فمنعَا .
ونحو من ذلك جمعهم في الاستقباح بين العطف على الضمير المرفوع المتصل الذي لا لفظ له وبينه إذا كان له لفظ . فقولك : قمت وزيد في الاستقباح كقولك : قام و زيد وإِن لم يكن في قام لفظ بالضمير . وكذلك أيضا سوَّوا في الاستقباح بين قمت و زيد وبين قولنا قمتما وزيد وقمتم ومحمد من حيث كانت تلك الزيادة التي لحقت التاء لا تخرِج الضمير من أن يكون مرفوعا متصلا يغيرّ له الفعل . ومع هذا فلست أدفع أن يكونوا قد أحسّوا فرقا بين قمت وزيد وقام وزيد إلا أنه محسوس عندهم غير مؤثّر في الحكم ولا محدِث أثرا في اللفظ كما قد نجد أشياء كثيرة معلومة ومحسوسة إلا أنها غير معتدّة كحنين الطسّ وطنين البعوض وعفطة العنز وبصبصة الكلب