باب في السلب .
نبَّهنا أبو علي - C - من هذا الموضع على ما أذكره وأبسطه لتتعجب من حُسن الصنعة فيه .
اعلم أن كل فعل أو اسم مأخوذٍ من الفعل أو فيه معنى الفعل فإن وضع ذلك في كلامهم على إثبات معناه لا سلبهم إيّاه .
وذلك قولك : قام فهذا لإثبات القيام وجلس لإثبات الجلوس وينطلق لإثبات الانطلاق وكذلك الانطلاق ومنطلق : جميع ذلك وما كان مثلَه إنما هو لإثبات هذه المعاني لا لنفيها . ألا ترى أنك إذا أردت نفي شيء منها ألحقته حرف النفي فقلت : ما فعل ولم يفعل ولن يفعل ( ولا تفعل ) ونحو ذلك .
ثم إنهم مع هذا قد استعملوا ألفاظا من كلامهم من الأفعال ومن الأسماء الضامنة لمعانيها في سلب تلك المعاني لا إثباتها . ألا ترى أن تصريف ( ع ج م ) أين وقعت في كلامهم إنما ( هو للإبهام ) وضدّ البيان . من ذلك العَجَم لأنهم لا يفصحون و عَجَمُ الزبيب ونحوه لاستتاره في ذي العَجَم ومنه عُجْمة الرمل لما اسَتْبهم منه على سالكيه فلم يتوجّه لهم . ومنه عَجَمت العود ونحوه إذا عضضته : لك فيه وجهان : إن شئت قلت : إنما ذلك لإدخالك إياه في فيك وإخفائك له