@ 52 @ والغصب كانت صغائر وإن أضفتها إلى ما يليها في القسم الثاني الذي بعده من جهة النظر كانت كبائر والذي أوقع الناس في ذلك رواية المفسرين وأهل التقصير من المسلمين في قصص الأنبياء مصائب لا قدر عند الله لمن اعتقدها روايات ومذاهب ولقد كان من حسن الأدب مع الأنبياء صلوات الله عليهم ألاّ تبثّ عثراتهم لو عثروا ولا تبث فلتاتهم لو استفلتوا فإن إسبال الستر على الجار والولد والأخ والفضيلة أكرم فضيلة فكيف سترت على جارك حتى لم تقص نبأه في أخبارك وعكفت على أنبيائك وأحبارك تقول عنهم ما لم يفعلوا وتنسب إليهم ما لم يتلبَّسوا به ولا تلوّثوا به نعوذ بالله من هذا التعدّي والجهل بحقيقة الدّين في الأنبياء والمسلمين والعلماء والصالحين .
فإن قيل فقد ذكر الله أخبارهم .
قلنا عن ذلك جوابان .
أحدهما للمولى أن يذكر ما شاء من أخبار عبيده ويستر ويفضح ويعفو ويأخذ وليس ينبغي للعبد أن ينبِّز في مولاه بما يوجب عليه اللّوم فكيف بما عليه فيه الأدب والحد وإن الله تعالى قد قال في كتابه لعباده في بر الوالدين ( ! < فلا تقل لهما أف > ! ) الإسراء 23 فكيف بما زاد عليه فما ظنك بالأنبياء وحقُّهم أعظم وحرمتهم آكد وأنتم تغمسون ألسنتكم في أعراضهم ولو قرّرتم في أنفسكم حرمتهم لما ذكرتم قصتهم .
الثاني أن الحكمة في أن الله ذكر قصص الأنبياء فيما أتوا من ذلك علمه بأنّ العباد سيخوضون فيها بقدر ويتكلّمون فيها بحكمة ولا يسأل عن معنى ذلك ولا عن غيره فقد ذكر الله أمرهم كما وقع ووصف حالهم بالصدق كما جرى كما قال تعالى ( ! < نحن نقص عليك أحسن القصص > ! ) يوسف 3 يعني أصدقه وقال ( ! < وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك > ! ) هود 12 وقد وصيناكم إذا كنتم لا بدّ آخذين في شأنهم ذاكرين قصصهم ألاّ تعدوا ما أخبر الله