@ 54 @ فسترت جسدها فهذا لا حرج عليه فيه بإجماع الأمة لأن النظرة الأولى لكشف المنظور إليه ولا يأثم الناظر بها .
وأما قولهم أنها لما أعجبته أمر بتقديم زوجها للقتل في سبيل الله فهذا باطل قطعاً لأنَّ داود عليه السلام لم يكن ليريق دمه في غرض نفسه وإنما كان من الأمر أنَّ داود قال لبعض أصحابه انزِل لي عن أهلك وعزم عليه في ذلك كما يطلب الرجل من الرجل الحاجة برغبة صادقة كانت في الأهل أو المال وقد قال سعيد بن الربيع لعبد الرحمن بن عوف حين آخى رسول الله بينهما ولي زوجتان أنزل لك عن إحداهما فقال له بارك الله لك في أهلك ومالك .
وما يجوز فعله ابتداء يجوز طلبه وليس في القرآن أنَّ ذلك كان ولا أنه تزوَّجها بعد زوال عصمة الرجل عنها ولا ولادتها لسليمان فعن من يروى هذا ويسند وعلى من في نقله يعتمد وليس يؤثره عن الثقات الأثبات أحد أما إنّ في سورة الأحزاب نكتة تدلُّ على أن داود قد صارت له المرأة زوجة وذلك قوله ( ! < ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل > ! ) الأحزاب 38 يعني في أحد الأقوال كان تزويج المرأة التي نظر إليها كما زوج النبي بعده بزينب بنت جحش إلا أن تزويج زينب كان من غير سؤال للزوج في فراق بل أمره بالتمسك بزوجيتها وكان تزويج داود المرأة بسؤال زوجها فراقها فكانت هذه المنقبة لمحمد على داود مضافةً إلى مناقبه العلية ولكن قد قيل إن معنى قوله تعالى ( ! < سنة الله في الذين خلوا من قبل > ! ) تزويج الأنبياء بغير صداق من وهبت نفسها من النساء بغير صداق .
وقيل أراد بقوله تعالى ( ! < سنة الله في الذين خلوا من قبل > ! ) أن الأنبياء فرض لهم ما يمتثلونه في النكاح وغيره وهذا أصحُّ الأقوال