@ 211 @ وتوصلها إلى الأعضاء الباطنة الرئيسية وتجفيف الرطوبة وهضم الأطعمة الثقال وتلطيفها .
والصحيح أن المنفعة هي الربح لأنهم كانوا يجلبونها من الشام برخص فيبيعونها في الحجاز بربح كثير .
وأما اللذة فهي مضرة عند العقلاء لأن ما تجلبه من اللذة لا يفي بما تذهبه من التحصيل والعقل حتى إن العبيد الأدنياء وأهل النقص كانوا يتنزهون عن شربها لما فيها من إذهاب شريف العقل وإعدامها فائدة التحصيل والتمييز .
وأما منفعة إصلاح البدن فقد بالغ فيها الأطباء حتى إني تكلمت يوما مع بعضهم في ذلك فقال لي لو جمع سبعون عقارا ما وفى بالخمر في منافعها ولا قام في إصلاح البدن مقامها .
وهذا مما لا نشتغل به لوجهين .
أحدهما أن الذين نزل تحريم الخمر عليهم لم يكونوا يقصدون به التداوي حتى نعتذر عن ذلك لهم .
الثاني أن البلاد التي نزل أصل تحريم الخمر فيها كانت بلاد جفوف وحر وضرر الخمر فيها أكثر من منفعتها وإنما يصلح الخمر عند الأطباء للأرياف والبطاح والمواضع الرطبة وإن كانت فيها منفعة من طريق البدن ففيها مضرة من طريق الدين والباري تعالى قد حرمها مع علمه بها فقدرها كيف شئت فإن خالقها ومصرفها قد حرمها .
وقد روى مسلم عن طارق بن سويد الجعفي أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهاه وكره أن يصنعها قال إنما أصنعها للدواء قال ليس بدواء ولكنه داء .
وروى أيضا عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الخمر أتتخذ خلا قال لا وروى ذلك عن جماعة