@ 392 @ الإسكندرية وتحقيقها أنها دمشق لأنها ليس في البلاد مثلها وقد ذكرت صفتها وخبرها في كتاب ترتيب الرحلة للترغيب وإليها أوت مريم وبها كان آدم وعلى الغراب جبلها دم هابيل في الحجر جارٍ لم تغيِّره الليالي ولا أثرت فيه الأيام ولا ابتلعته الأرض باطنها كظاهرها مدينة بأعلاها ومدينة بأسفلها تشقُّها تسعة أنهار للقصبة نهر وللجامع نهر وباقيها للبلد وتجري الأنهار من تحتها كما تجري من فوقها ليس فيها كظامة ولا كنيف ولا فيها دار ولا سوق ولا حمام إلا ويشقه الماء ليلاً ونهاراً دائماً أبداً وفيها أرباب دور قد مكّنوا أنفسهم من سعة الأحوال بالماء حتى إن مستوقدهم عليه ساقية فإذا طبخ الطعام وضع في القصعة وأرسل في الساقية فيجرف إلى المجلس فيوضع في المائدة ثم تردّ القصعة من الناحية الأخرى إلى المستوقد فارغة فترسل أخرى ملأى وهكذا حتى يتم الطعام وإذا كثر الغبار في الطرقات أمر صاحب الماء أن يطلق النهر على الأسواق والأرباض فيجري الماء عليها حتى يلجأ الناس في الأسواق والطرقات إلى الدكاكين فإذا كسح غبارها سكر الساقياني أنهارها فمشيت في الطرق على برد الهواء ونقاء الأرض ولها باب جيرون بن سعد بن عبادة وعنده القبة العظيمة والميقاتات لمعرفة الساعات عليها باب الفراديس ليس في الأرض مثله عنده كان مقرّي وإليه من الوحشة كان مفرّي وإليه كان انفرادي للدرس والتقرّي وفيها الغوطة مجمع الفاكهات ومناط الشهوات عليها تجري المياه ومنها تجنى الثمرات وإن في الإسكندرية لعجائب لو لم يكن إلا المنار فإنها مبنية الظاهر والباطن على العمد ولكن لها أمثال فأما دمشق فلا مثال لها .
وقد روى معن عن مالك أن كتاباً وجد بالإسكندرية فلم يدر ما هو فإذا فيه أنا شداد بن عاد الذي رفع العماد بنيتها حين لا شيب ولا موت قال مالك إن كان لتمر بهم مائة سنة لا يرون بها جنازة .
وذكر عن ثور بن زيد أنه قال أنا شدّاد بن عاد أنا الذي رفعت العماد أنا الذي كنزت كنزاً على سبعة أذرع لا يخرجه إلا أمة محمد