@ 189 @ والتمام بدليل قتل الجماعة بالواحد لأن كل واحد متلف نفسا على الكمال ومذهب روحا على التمام ولولا ذلك ما وجب عليهم القصاص وقد قلنا بوجوبه اجماعا منا ومنهم فثبت ما قلنا .
وأما المعنوي فإن عندنا أن الجزاء كفارة وعند الشافعي أنه قيمة .
وتحقيق القول في ذلك أن هذا الجزاء كفارة ومقابل للجناية وكل واحد جنى على إحرامه جناية كاملة وكل واحد منهم يسمى قاتلا والدليل على صحة ذلك كله أن الله سبحانه سمى الجزاء كفارة في كتابه .
وأما كمال الجناية لكل واحد منهم على الإحرام فصحيح لأن كل واحد منهم ارتكب محظور إحرامه في قتل الصيد وسمي قاتلا حقيقة فوجب على كل واحد منهم جزاء .
فإن قيل إنه يقوم بقيمة الصيد ويلحظ فيه شبهة ولو كان كفارة لاعتبر مطلقا من اعتبار ذلك كله كما في كفارة القتل فلما كان كذلك صار كالدية .
قلنا هذا باطل والدليل عليه دخول الصوم عليه ولوكان بدل متلف ما دخل الصيام عليه فإن الصيام إنما موضعه وموضوعه الكفارات لا أبدال المتلفات .
جواب آخر وذلك أنه إنما تقدر بقدر المحل لأن الجناية لها محل فيزيد بزيادته وينقص بنقصانه بخلاف كفارة الآدمي فإنه حد لا يتقدر حقيقة فيقدر كفارة .
جواب ثالث وذلك أن الجزاء لا يجوز إسقاطه والدية يجوز إسقاطها فدل على اختلافهما بالصفة والموضوع .
جواب رابع وذلك أن الذكر والأنثى يستوي في الجزاء ويختلف في الدية وقيمة الإتلاف فدل ذلك كله على الفرق بينهما وظهر أن ذلك من قول الشافعي ضعيف جدا والله عز وجل أعلم