ولا هابطا هبوطا فقال الحسن لئن قلت ذاك ان خير الامور أوسطها وجاء في الحديث خالطوا الناس وزايلوهم وقال عبد الله بن مسعود في خطبته وخير الامور أوساطها وما قل وكفى خير مما كثر وألهى نفس تنجيها خير من إمارة لا تحصيها وقال علي بن ابي طالب كرم الله وجهه كن في الدنيا وسطا وامش جانبا وكانوا يقولون إكره الغلو كما تكره التقصير وكان رسول الله يقول لأصحابه ( قولوا بقولكم ولا يستحوذن عليكم الشيطان ) وكان يقول و ( هل يكب الناس على مناخرهم في نار جهنم الا حصائد ألسنتهم ) .
باب من الخطب القصار .
من خطب السلف ومواعظ النساك وتأديب من تأديب العلماء .
قال رجل لأبي هريرة النحوي أريد ان أتعلم العلم وأخاف ان أضيعه قال كفى بترك العلم إضاعة وسمع الآحنف رجلا يقول التعلم في الصغر كالنقش في الحجر فقال الاحنف الكبير اكبر الناس عقلا ولكنه أشغل قلبا وقال أبو الدرداء مالي أرى علماءكم يذهبون وجهالكم لا يتعلمون .
وقال رسول الله ( ان الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلماء حتى اذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) .
ولذلك قال عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه حين دلى زيد بن ثابت في القبر من سره ان يرى كيف ذهاب العلم فلينظر فهكذا ذهابه .
وقال بعض الشعراء لبعض العلماء .
( أبعدت من يومك الفرار فما ... جاورت حيث انتهى بك القدر ) .
( لوكان ينجي من الردى حذر ... نجاك مما أصابك الحذر ) .
( يرحمك الله من أخي ثقة ... لم يك في صفو وده كدر ) .
( فهكذا يفسد الزمان ويفنى ... نى العلم منه ويدرس الأثر ) .
وقال قتادة لو كان أحد مكتفيا من العلم لاكتفى نبي الله موسى عليه السلام اذ قال للعبد الصالح ( هل اتبعك على ان تعلمني مما علمت رشدا ) وقال ابو العباس التميمي قال طاؤس الكلمة الصالحة صدقة