الى الدنيا قلدوا دينهم رجلا لا ينظر لهم قاتلهم الله أنى يؤفكون .
ثم أقبل على اهل الحجاز فقال .
يااهل الحجاز أتعيرونني بأصحابي وتزعمون انهم شباب وهل كان أصحاب رسول الله إلا شبابا اما والله اني لعالم بتتايعكم فيما يضركم في معادكم ولولا اشتغالي بغيركم عنكم ما تركت الأخذ فوق أيديكم شباب والله مكتهلون في شبابهم غضيضة عن الشر أعينهم ثقيلة عن الباطل أرجلهم أنضاء عبادة وأطلاح سهر فنظر الله إليهم في جوف الليل منحنية أصلابهم على اجزاء القران كلما مر أحدهم باية من ذكر الجنة بكى شوقا إليها واذا مر باية من ذكر النار شهق شهقة كأن زفير جهنم بين أذنيه موصول كلالهم بكلالهم كلال الليل بكلال النهار قد أكلت الارض ركبهم وأيديهم وأنوفهم وجباههم واستقلوا ذلك في جنب الله حتى اذا رأوا السهام قد فوقت والرماح قد أشرعت والسيوف قد انتضيت ورعدت الكتيبة بصواعق الموت وبرقت استخفوا بوعيد الكتيبة لوعيد الله ومضى الشاب منهم قدما حتى اختلفت رجلاه على عنق فرسه وتخضبت بالدماء محاسن وجهه فأسرعت إليه سباع الارض وانحطت إليه طير السماء فكم من عين في منقار طير طالما بكى صاحبها في جوف الليل من خوف الله وكم من كف زالت عن معصمها طالما اعتمد عليها صاحبها في جوف الليل بالسجود لله .
ثم قال أوه أوه أوه ثم بكى ثم نزل .
خطبة قطري بن الفجاءة .
صعد قطري بن الفجاءة - وهو احد بني مازن بن عمرو بن تميم - منبر الأزارقة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال .
أما بعد فاني أحذركم الدنيا فانها حلوة خضرة حفت بالشهوات وراقت بالقليل وتحببت بالعاجلة وحليت بالآمال وتزينت بالغرور لا تدوم حبرتها ولا تؤمن فجعتها غرارة ضرارة خوانة غدارة وحائلة زائلة ونافذة بائدة أكالة غوالة بذالة نقالة لا تعدو اذا هي تناهت الى أمنية اهل الرغبة فيها والرضا عنها ان تكون كما قال الله تعالى ( كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء