للخروج أمهله فلما كان من وراء الستر دفع في قفاه فلما رأى ذلك الحجاب منه دفعوا في قفاه حتى اخرجوه من الدار فدخل رجال من عمومة الفتى فشكوا الربيع الى المنصور فقال المنصور ان الربيع لا يقدم على مثل هذا إلا وفي يديه حجة فان شئتم اغضيتم على ما فيها وان شئتم سألته وانتم تسمعون قالوا فاسأله ودعا الربيع وقصوا قصته فقال الربيع هذا الفتى كان يسلم من بعيد وينصرف فاستدناه امير المؤمنين حتى سلم عليه من قريب ثم أمره بالجلوس ثم تبذل بين يديه واكل ثم دعاه الى طعام ليأكل معه من مائدته فبلغ به الجهل بفضيلة المرتبة التي صيره فيها الى ان قال حين دعاه الى غدائه قد تغديت واذا ليس عنده لمن تغدى مع امير المؤمنين الا سد خلة الجوع ومثل هذا لا يقومه القول دون الفعل .
حدثني ابراهيم بن السندي عن أبيه قال والله اني لواقف على رأس الرشيد والفضل بن الربيع واقف في الايسر والحسن اللؤلؤي يسائله ويحدثه عن أمور وكان اخر ما سأله عن بيع أمهات الاولاد فلولا أني ذكرت ان سلطان ما وراء الستر للحاجب وسلطان الدار لصاحب الحرس وان سلطاني انما هوعلى من خرج من حدود الدار لقد كنت اخذت بضعه واقمته فلما ان صرنا وراء الستر قلت له والفضل يسمع أما والله لو كان هذا منك في مسايرة او موقف لعلمت ان للخلافة رجالا يصونونها عن مجلسك .
وحدثني ابراهيم بن السندي قال بينا الحسن اللؤلؤي في بعض الليالي بالرقة يحدث المأمون - والمأمون يومئذ أمير - اذ نعس المأمون فقال له اللؤلؤي نمت ايها الامير ففتح المأمون عينه وقال سوقي والله خذ يا غلام بيده قال وكنا يوما عند زياد بن محمد بن منصور بن زياد - وقد هيأ لنا الفضل بن محمد طعاما ومعنا في المجلس خادم وكان لا يتهم - فجاء رسول الفضل الى زياد فقال يقول لك اخوك قد أدرك طعامنا فتحولوا ومعنا في المجلس ابراهيم النظام واحمد بن يوسف وقطرب النحوي في رجال من أدباء الناس وعلمائهم فما منا احد فطن لخطأ الرسول فأقبل عليه مبشر الخادم فقال يا ابن اللخناء تقف على رأس سيدك فتستفتح الكلام كما يستفتحه الرجل من عرض الناس ألا تقول يا سيدي يقول لك أخوك ترى ان تصير الينا باخوانك فقد تهيأ أمرنا