ذكر الهزل الذي يراد به الجد .
( والبين هازلني بالجد حين رأى ... دمعي وقال تبرد أنت بالديم ) .
قال صاحب التلخيص ومنه يعني فن البديع الهزل الذي يراد به الجد كقوله .
( إذا ما تميمي أتاك مفاخرا ... فقل عد عن ذا كيف أكلك للضب ) .
ولم يزد على ذلك شيئا .
والهزل الذي يراد به الجد هو أن يقصد المتكلم مدح إنسان أو ذمه فيخرج من ذلك المقصد مخرج الهزل والمجون اللائق بالحال كما فعل أصحاب النوادر ومثل أشعب وأبي دلامة وأبي العيناء ومزيد ومن سلك مسلكهم كما حكي عن أشعب أنه حضر وليمة بعض ولاة المدينة وكان رجلا بخيلا فدعا الناس ثلاثة أيام وهو يجمعهم على مائدة فيها جدي مشوي فيحوم الناس حوله ولا يمسه أحد منهم لعلمهم ببخله وأشعب كان يحضر مع الناس ويرى الجدي فقال في اليوم الثالث زوجته طالق إن لم يكن عمر هذا الجدي بعد أن ذبح وشوي أطول من عمره قبل ذلك .
ومن شواهد الهزل الذي يراد به الجد ما أنشده ابن المعتز من قول أبي العتاهية .
( أرقيك أرقيك بسم الله أرقيكا ... من بخل نفسك على الله يشفيكا ) .
( ما سلم كفك إلا من يناولها ... ولا عدوك إلى من يرجيكا )