وأصحاب البديعيات شرطوا أن يكون كل بيت شاهدا على نوعه بمجرده وإذا كان البيت له تعلق بما بعده أو بما قبله لا يصلح أن يكون شاهدا على ذلك النوع .
ولقد عجبت للشيخ صفي الدين كيف فتر عزمه وقصرت همته عن هذا القدر الذي يتطاول إلى إدراكه كل قاصر وأين هو من قول القائل في طريقته الغرامية التي حركت السواكن حيث قال .
( حرمت الرضا إن كنت خنتك في الهوى ... وعوقبت بالهجران إن كنت كاذبا ) .
انظر ما أحلى ما أتى بالقسمين وجوابيهما في بيت واحد مع عدم التعسف والرقة التي كادت أن تسيل .
والعميان لم ينظموا هذا النوع في بديعيتهم .
وبيت الشيخ عز الدين الموصلي .
( برئت من سلفي والشم من هممي ... إن لم أدن بتقى مبرورة القسم ) .
بيت الشيخ عز الدين مبني على الفخر والتعاظم وعلو الهمم وهو صالح للتجريد بخلاف بيت الشيخ صفي الدين هذا مع التزام الشيخ عز الدين بتسمية النوع .
وبيت بديعيتي .
( برئت من أدبي والعز من شيمي ... إن لم أبر بنأي عنهم قسمي ) .
وهذا البيت مبني على الفخر والتعاظم وعلو الهمة .
وفي قولي والعز من شيمي غاية الفخر ولكن اللطف الزائد قول الأديب في القسم برئت من أدبي مع التورية التي ترفل في حلل الحشمة وتسمية النوع والتقفية به لا تخفى على أهل الذوق من أهل الأدب والله أعلم