وقد قيل له لا خير في السرف فقال لا سرف في الخير .
ويروى لأمير المؤمنين هارون الرشيد من النظم في هذا الباب .
( لساني كتوم لأسرارهم ... ودمعي بسري نموم مذيع ) .
( فلولا دموعي كتمت الهوى ... ولولا الهوى لم يكن لي دموع ) .
وبديع هنا قول الصاحب ابن عباد وقد بالغ في وصف الزجاج والشراب وهو .
( رق الزجاج وراقت الخمر ... فتشابها فتشاكل الأمر ) .
( فكأنما خمر ولا قدح ... وكأنما قدح ولا خمر ) .
ومثله .
( ألست ترى أطباق ورد وحولها ... من النرجس الغض الطري قدود ) .
( فتلك خدود ما عليهن أعين ... وتلك عيون ما لهن خدود ) .
ويعجبني إلى الغاية في هذا الباب قول الأضبط الشاعر .
( قد يجمع المال غير آكله ... ويأكل المال غير من جمعه ) ( ويقطع الثوب غير لابسه ... ويلبس الثوب غير من قطعه ) .
ومثله في الحكمة قول ابن نباتة السعدي .
( ألا فاخش ما يرجى وجدك هابط ... ولا ترج ما يخشى وجدك رافع ) .
( فلا نافع إلا مع النحس ضائر ... ولا ضائر إلا مع السعد نافع ) .
ومن حكم أبي الطيب المتنبي قوله في هذا الباب .
( فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله ... ولا مال في الدنيا لمن قل مجده ) .
ومثله في الحسن والبلاغة قوله .
( إن الليالي للأنام مناهل ... تطوى وتنشر دونها الأعمار ) .
( فقصارهن مع الهموم طويلة ... وطوالهن مع السرور قصار )