ذكر الغلو .
( بلا غلو إلى السبع الطباق سرى ... وعاد والليل لم يجفل بصبحهم ) .
وقد تقدم القول على المبالغة وتقرر أنها في الاصطلاح إفراط وصف الشيء بالممكن القريب وقوعه عادة وتقرر أن الإغراق فوقها في الرتبة وهو في الاصطلاح إفراط وصف الشيء بالممكن البعيد وقوعه عادة .
والغلو فوقهما فإنه الإفراط في وصف الشيء بالمستحيل وقوعه عقلا وعادة وهو ينقسم إلى قسمين مقبول وغير مقبول .
فالمقبول لا بد أن يقربه الناظم إلى القبول بأداة التقريب اللهم إلا أن يكون الغلو في مديح النبي فلا غلو .
ويجب على ناظم الغلو أن يسبكه في قوالب التخيلات الحسنة التي يدعو العقل إلى قبولها في أول وهلة كقوله تعالى ( يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ) فإن إضاءة الزيت من غير مس نار مستحيلة عقلا ولكن لفظة يكاد قربته فصار مقبولا ومنه قول أبي العلاء المعري .
( تكاد قسيه من غير رام ... تمكن في قلوبهم النبالا ) .
( تكاد سيوفه من غير سل ... تجد إلى رقابهم انسلالا ) .
ويعجبني هنا قول ابن حمديس الصقلي في وصف فرس .
( ويكاد يخرج سرعة من ظله ... لو كان يرغب في فراق رفيق )