والمعجز في ذلك قوله تعالى ( كانا يأكلان الطعام ) كناية عن الحدث وقوله جل جلاله ( وقد أفضى بعضكم إلى بعض ) يريد بذلك ما يكون بين الزوجين وعلى الجملة لا تجد معنى من هذه المعاني في الكتاب العزيز إلا بلفظ الكناية لأن المعنى الفاحش متى عبر المتكلم عنه بلفظه الموضوع له كان الكلام معيبا من جهة فحش المعنى ولهذا عاب قدامة على امرىء القيس قوله .
( فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع ... فألهيتها عن ذي تمائم محول ) .
( إذا ما بكى من تحتها انصرفت له ... بشق وتحتي شقها لم يحول ) .
قال أعني قدامة عيب هذا الشعر من جهة فحش المعنى والقران منزه عن ذلك ولو استعار امرؤ القيس لمعناه الفاحش لفظ الكناية لسلم من العيب وهذا القدر ينتقد على مثله وفي السنة النبوية من الكنايات ما لا يحصى كقوله لا يضع العصا عن عاتقه كناية عن الضرب أو كثرة السفر وحكى ابنرالمعتز أن العرب كانت تقول لمن به أبنه أنت تحت العصا وأنشد .
( زوجك زوج صالح ... لكنه تحت العصا ) .
ومن نخوة العرب وغيرتهم كانت كنايتهم عن حرائر النساء بالبيض وقد جاء القران العزيز بذلك فقال سبحانه ( كأنهن بيض مكنون ) وقال امرؤ القيس في معلقته .
( وبيضة خدر لا يرام خباؤها ... تمتعت من لهواتها غير معجل ) .
أي بيضة خدر يعني امرأة كالبيضة في صيانتها لايرام خباؤها لعزتها ومن لطائف الكنايات قول بعض العرب .
( ألا يا نخلة من ذات عرق ... عليك ورحمة الله السلام )