فلما كان الأمر المخوف من البرق يقع في أول برقة أتى ذكر الخوف في الاية الكريمة أولا ولما كان الأمر المطمع إنما يقع من البرق بعد الأمر المخوف أتى ذكر الطمع في الاية الكريمة ثانيا ليكون الطمع ناسخا للخوف لمجيء الفرج بعد الشدة ومنه قوله تعالى ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ) فاستوفت الاية الكريمة جميع الهيئات الممكنات ومنه قوله تعالى ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ) فاستوفت الاية الكريمة جميع الأقسام التي يمكن وجودها فإن العالم جميعه لا يخلو من هذه الأقسام الثلاثة ومنه قوله تعالى ( له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك ) فالاية الشريفة جامعة لأقسام الزمان الثلاثة ولا رابع لها والمراد الحال والماضي والمستقبل فله ما بين أيدينا المراد به المستقبل وما خلفنا المراد به الماضي وما بين ذلك الحال .
وفي الحديث النبوي قوله ما لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأبقيت ومنه قوله من أقام الصلاة كان مسلما ومن اتى الزكاة كان محسنا ومن شهد أن لا إله إلا الله كان مخلصا فإنه صلوات الله عليه استوعب الوصف الذي من الدرجات العليا والوسطى والسفلى ومنه قول علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنعم على من شئت تكن أميره واستغن عمن شئت تكن نظيره واحتج إلى من شئت تكن أسيره فإنه استوعب أقسام الدرجات وأقسام أحوال الإنسان بين الفضل والكفاف والنقص .
ويحكى أن بعض وفود العرب قدم على عمر بن عبد العزيز Bه وكان فيهم شاب فقام وتقدم في المجلس وقال يا أمير المؤمنين أصابتنا سنون سنة أذابت الشحم وسنة أكلت اللحم وسنة أنقت العظم وفي أيديكم فضول أموال فإن كانت لنا لا تمنعونا وإن كانت لله ففرقوها على عباده وإن كانت لكم فتصدقوا إن الله يجزي المتصدقين قال عمر بن عبد العزيز ما ترك لنا الأعرابي في واحدة عذرا .
ووقف أعرابي على حلقة الحسن البصري فقال رحم الله من تصدق من فضله أو واسى من كفاف أو اثر من قوت قال الحسن ما ترك الأعرابي في واحدة عذرا