ذكر الإبداع .
( إبداع أخلاقه إيداع خالقه ... في زخرف الشعر فاسجع بها وهم ) .
الإبداع هو أن يأتي الشاعر في البيت الواحد بعدة أنواع أو في القرينة الواحدة من النثر وربما كان في الكلمة الواحدة ضربان من البديع ومتى لم يكن كذلك فليس بإبداع كقوله تعالى ( وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين ) هذه الاية الشريفة استخرج منها زكي الدين بن أبي الأصبع أنواعا كثيرة من البديع منها المناسبة التامة بين ابلعي وأقلعي والمطابقة اللطيفة بين الأرض والسماء والمجاز في قوله ويا سماء ومراده مطر السماء والاستعارة في قوله أقلعي والإشارة في قوله تعالى وغيض الماء فإنه بهاتين اللفظتين عبر عن معان كثيرة والتمثيل في قوله تعالى وقضي الأمر فإنه عبر عن هلاك الهالكين ونجاة الناجين بغير لفظ الموضوع له والإرداف في قوله تعالى واستوت على الجودي فإنه عبر عن استقرارها في المكان بلفظ قريب من لفظ المعنى والتعليل لأن قوله تعالى غيض الماء علة الاستواء وصحة التقسيم إذ قد استوعب سبحانه أقسام أحوال الماء حالة نقصه والاحتراس في قوله تعالى وقيل بعدا للقوم الظالمين إذ الدعاء عليهم مشعر بأنهم مستحقون الهلاك احتراسا من ضعيف يتوهم أن الهلاك شمل من يستحق ومن لا يستحق فأكد بالدعاء على المستحقين والمساواة لأن لفظ الآية الشريفة لا يزيد على معناها وحسن النسق لأنه سبحانه وتعالى قص القصة