ذكر الألغاز .
( وكل ما ألغزوه حله لسن ... مذ طال تعقيده أزرى بفهمهم ) .
هذا النوع أعني الألغاز يسمى المحاجاة والتعمية وهي أعم أسمائه وهو أن يأتي المتكلم بعدة ألفاظ مشتركة من غير ذكر الموصوف ويأتي بعبارات يدل ظاهرها على غيره وباطنها عليه وأبدع ما فيه أنه لم يسفر في أفق الحلى غير وجه التورية وأما تعسف الفرقة التي ليس لها إلمام بالتورية في الألغاز فأمرهم مسلم إليهم وأما علماء هذا الفن فإنهم ما قرروا غير ما قررناه فمن ذلك قول أبي العلاء في ابرة .
( سعت ذات سم في قميصي فغادرت ... به أثرا والله شاف من السم ) .
( كست قيصرا ثوب الجمال وتبعا ... وكسرى وعادت وهي عارية الجسم ) وقول ابن حراز في خيمة .
( ومضروبة من غير ذنب أتت به ... إذا ما هدى الله الأنام أظلت ) .
قلت لغز أبي العلاء ولغز محيي الدين لم تسفر فيهما الوجوه الحسان إلا من وراء ستور التورية ومنه قول ابن حراز فيمن اسمه عثمان .
( حروفه معدودة خمسة ... إذا مضى حرف تبقى ثمان ) ومن ألطف الألغاز في القلم .
( وذي خضوع راكع ساجد ... ودمعه من جفنه جاري ) .
( مواظب الخمس لأوقاتها ... منقطع في خدمة الباري )