ذكر الاستتباع .
( يحمون مستتبعين العفو إن ظفروا ... ويحفظون وفاهم حفظ دينهم ) .
الاستتباع هو استفعال من تتبع الرجل إذا اقتفى أثره وفي الاصطلاح هو أن يذكر الناظم أو الناثر معنى مدح أو ذم أو غرض من أغراض الشعر فيستتبع معنى آخر من جنسه يقتضي زيادة في وصف ذلك الفن كقول أبي الطيب المتنبي .
( نهبت من الأعمار ما لو حويته ... لهنئت الدنيا بأنك خالد ) .
فإنه مدحه بالشجاعة على وجه استتبع مدحه بكونه سببا لإصلاح الدنيا حيث جعلها مهنأة بخلوده ومثله قوله .
( إلى كم ترد الرسل فيما أتوا به ... كأنهم فيما وهبت ملام ) .
فمدحه بالشجاعة إيماء وألغز في رد الرسل عما أتوا به وصدهم عن مطلوبهم والتهاون بمرسلهم واستتبع في آخر البيت مدحه بالكرم لعصيان الملام في الهبات .
ويعجبني هنا قول أبي بكر الخوارزمي .
( سمح البديهة ليس يمسك لفظه ... فكأنما ألفاظه من ماله ) .
فإنه مدحه بذلاقة اللسان على وجه استتبع الكرم وبيت الشيخ صفي الدين في بديعيته على هذا لنوع قوله ( الباذلو النفس بذل الزاد يوم قرى ... والصائنو العرض صون الجار والحرم )