ذكر حسن البيان .
( حتى يبث بديعي في محاسنه ... حسن البيان وأشدو في حجازهم ) .
حسن البيان قالوا هو عبارة عن الإبانة عما في النفس بعبارة بليغة بعيدة عن اللبس إذ المراد منه إخراج المعنى إلى الصورة الواضحة وإيصاله إلى فهم المخاطب بأسهل الطرق وقد تكون العبارة عنه تارة من طريق الإيجاز وطورا من طريق الإطناب بحسب ما يقتضيه الحال وهذا بعينه هو البلاغة وحقيقتها وفي البيان الأقبح والأوسط والأحسن فالأقبح كبيان باقل وقد سئل عن ثمن ظبي في يده فأراد أن يقول أحد عشر فأدركه العي حتى فرق أصابعه وأدلع لسانه فأفلت الظبي ومن هنا يعلم أنه ليس كل ايجاز بلاغة ولا كل إطالة عيا فإنه لا إيجاز في الأفهام أوجز من بيان باقل لأن المخاطب فهم عنه بمجرد نظرة واحدة وقد ضرب به المثل بالعي في بيانه وكان الأحسن أن يقول أحد عشر والأوسط أن يقول ستة وخمسة أو عشرة وواحد .
والنور المبين في هذا الباب بيان القرآن الكريم كقوله تعالى وقد أراد أن يحذر من الاغترار بالنعم ( كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين ) وكقوله سبحانه وتعالى وقد أراد أن يبين عن الوعد ( إن المتقين في مقام أمين ) وكقوله سبحانه وقد أراد أن يبين عن الوعيد ( إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين ) وكقوله تعالى في الاحتجاج القاطع للخصم ( وضرب لنا مثلا ونسي