وأيضا فإن فيه حفظ الحقوق ومنع تمرد ذوي العقوق بما يسطر عليهم من الشهادات التي تقع في السجلات والمكاتبات بين الناس لحوائجهم من المسافات البعيدة التي لا ينضبط مثل ذلك لحامل رسالة ولا يناله الحاضر بمشافهة وإن كثر حفظه وزادت بلاغته ولذلك قيل الخط أفضل من اللفظ لأن اللفظ يفهم الحاضر فقط والخط يفهم الحاضر والغائب ولله القائل في ذلك يصف القلم .
( وأخرس ينطق بالمحكمات ... وجثمانه صامت أجوف ) .
( بمكة ينطق في خفية ... وبالشام منطقه يعرف ) .
الطرف الثاني في بيان حقيقة الخط .
قال الشيخ شمس الدين بن الأكفاني في كتابه إرشاد القاصد في حصر العلوم وهو علم تتعرف منه صور الحروف المفردة وأوضاعها وكيفية تركيبها خطا أو ما يكتب منها في السطور وكيف سبيله أن يكتب ومالا يكتب وإبدال ما يبدل منها في الهجاء وبماذا يبدل .
قال وبه ظهرت خاصة النوع الإنساني من القوة إلى الفعل وامتاز عن سائر أنواع الحيوان وضبطت الأموال وترتبت الأحوال وحفظت العلوم في الأدوار واستمرت على الأطوار وانتقلت الأخبار من زمان إلى زمان وحملت سرا من مكان إلى مكان