وإليه انتهت سيادة قومه وكانت اليه الرفادة وسقاية الحجيج بمكة وكانت قريش تجارا وكانت تجارتهم لا تعدو مكة وما حولها فخرج هاشم الى الشأم حتى نزل بقيصر ملك الروم فسأله كتابة أمان لتجار قريش فكتب له كتابا لكل من مر عليه فخرج هاشم فكلما مر بحي من العرب أخذ من أشرافهم أمانا لقومه حتى قدم مكة فأتاهم بأعظم شيء أتوا به قط بركة فخرجوا بتجارة عظيمة وخرج معهم حتى أوردهم الشام وخرج أخوه المطلب الى اليمن فأخذ لهم أمانا من ملكه وخرج أخوهما عبد شمس الى ملك الحبشة فأخذ لهم أمانا كذلك وخرج أخوهم نوفل الى كسرى ملك الفرس فأخذ لهم منه أمانا وكانت قريش يرحلون في الشتاء للشام وفي الصيف لليمن واتسعت معايشهم بسبب ذلك وكثرت أموالهم حتى امتن الله عليهم بذلك بقوله ( لئيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ) والإيلاف الأمان .
ثم ولد لهاشم عبد المطلب وبقيت الرياسة فيه وكانت بئر زمزم قد انطمت ونضب ماؤها فحفرها عبد المطلب حتى أكمل الله تعالى بنبوة نبيه محمد .
وأما سدانة البيت ومفاتيحه فبقيت بيد بني عبد الدار بن قصي المتقدم ذكره من حين تسلمها عبد الدار عند أخذها من أبي غبشان الخزاعي حتى صارت لبني شيبة من بني عبد الدار وانتهت في زمن النبي الى عثمان بن طلحة ابن عبد الدار فلما دخل النبي مكة يوم الفتح أغلق عثمان باب الكعبة وصعد السطح وأبى أن يدفع المفتاح اليه وقال لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه فلوى علي بن أبي طالب يده وأخذه منه وفتح ودخل رسول الله الكعبة فصلى ركعتين فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ويجمع له السقاية والسدانة فنزل قوله تعالى ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها ) فأمر رسول الله عليا أن يرد المفتاح الى عثمان ويعتذر اليه فقال عثمان أكرهت