واعلم أنه كما يحتاج الكاتب إلى حفظ الأحاديث والآثار بطريق الذات للاستشهاد بها والاقتباس من معانيها على ما تقدم بيانه كذلك يحتاج إلى المعرفة بأنواع الحديث وأقسامها كالصحيح والحسن والمرسل والمرفوع والمسند والمتصل والمنقطع ونحو ذلك وكذلك المعرفة بأسماء الرجال والمشاهير من المحدثين كالبخاري ومسلم وأبي داود والنسائي وغيرهم ليورد ما يحتاج إليه من ذلك في غضون كلامه عند احتياجه إليه في كتابة ما يتعلق بذلك من توقيع محدث ونحوه كما قال في التعريف في وصية لمحدث في قسم الوصايا من الكتاب وقد أصبح بالسنة النبوية مضطلعا وعلى ما جمعه طرق أهل الحديث مطلعا وصح الصحيح أن حديثه الحسن وأن المرسل منه في الطلب مقطوع عنه كل ذي لسن وأن مسنده هو المأخوذ عن العوالي وسماعه هو المرقص منه طول الليالي وأن مثله لا يوجد في نسبه المعرق ولا يعرف مثله للحافظين ابن عبد البر بالمغرب وخطيب بغداد بالمشرق وهو يعرف مقدار طلب الطالب فإنه طال ما شد له النطاق وسعى له سعيه وتجشم المشاق ورحل له يشتد به حرصه والمطايا مزمومه وينبهه له طلبه والجفون مقفلة والعيون مهمومه ووقف على الأبواب لا يضجره طول الوقوف حتى يؤذن له في ولوجها وقعد القرفصاء في المجالس لا تضيق به فروجها فليعامل الطلبة إذا أتوه للفائدة معاملة من جرب وليبسط للأقرباء منهم ويؤنس الغرباء فما هو إلا ممن طلب آونة من قريب وآونة تغرب وليسفر لهم صباح قصده عن النجاح وليفتق لهم من عقوده الصحاح وليوضح لهم الحديث وليرح خواطرهم بتقريبه ما كان يسار إليه السير الحثيث وليؤتهم مما وسع الله عليه فيه المجال ويعلمهم ما يجب