والوقوف بين يدي الحكم العدل ( ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) ألستم في مساكن من كان قبلكم أطول منكم أعمارا وأوضح منكم آثارا وأعد عديدا وأكثف جنودا وأشد عتودا تعبدوا للدنيا أي تعبد وآثروها أي إيثار وظعنوا عنها بالكره والصغار فهل بلغكم أن الدنيا سمحت لهم نفسا بفدية أو أغنت عنهم فيما قد أهلكتهم بخطب بل أرهقتهم بالقوادح وضعضعتهم بالنوائب وعقرتهم بالفجائع وقد رأيتم تنكرها لمن رادها وآثرها وأخلد إليها حين ظعنوا عنها لفراق إلى الأبد إلى آخر الأمد هل زودتهم إلا السغب وأحلتهم إلا الضنك أو نورت لهم إلا الظلمة أو أعقبتهم إلا الندامة أفهذه تؤثرون أم على هذه تحرصون أم إليها تطمئنون يقول الله جل ذكره ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ) بئست الدار لمن أقام فيها فاعلموا إذ أنتم تعلمون أنكم تاركوها الأبد فإنما هي كما وصفها الله تعالى باللعب واللهو وقد قال الله تعالى ( أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين ) .
إلى غير ذلك من خطب خلفاء الدولتين وأمرائهم مما يطول القول بإيراده ويخرج الكتاب بذكره عن حده .
المقصد الثاني في كيفية تصرف الكاتب في الخطب .
قد تقدم في أول المقصد الأول من هذا النوع قول أبي هلال العسكري إن الرسائل والخطب متشاكلتان في أنهما كلام لا يلحقه وزن ولا