المواقع اللائقة به ويجلو الحجج في أحسن المعاريض ويفصح عنها بأقرب الألفاظ من النفوس فإنه إذا وفق لذلك ناب كتابه مناب الجيوش والأجناد وأقر السيوف في الأغماد ثم قال ومن صدقت في هذا الفن رغبته أيد الله تعالى غريزته وعضد بديهته ورويته .
قلت وهذا الصنف من المكاتبات السلطانية قد بطل في زماننا فلم يعهد أن ملكا من الملوك كتب إلى بلاد الكفر بالدعاية إلى الدين إذ مثل ذلك إنما يصدر مع الغلبة والقوة والقهر كما كان الخلفاء في الزمن المتقدم والكفر مقهور معهم مذلول لديهم أما الآن فلولا ما أخبر به بقوله ونصرت بالرعب مسيرة شهر وفي رواية ونصرت أمتي لاجتاح أهل الكفر الإسلام ولكن الله وعد دينه أن لا يخذل .
الصنف الثالث من الكتب السلطانية الكتب بالحث على الجهاد .
قال في مواد البيان كما أن الدين ينتظم بالدعاء إليه والترغيب فيه كذلك ينتظم يصيانة حوزته وما دخل في مملكته وكف أعدائه عن تنقص أطرافه والتغلب على بلاده ولهذا فرض الله تعالى الجهاد وأوجبه وأكد الأمر فيه وشدده والسلطان يحتاج عند الحوادث التي تحدث من تطرق المخالفين إلى بعض الثغور أو شن الغارة على أهل الإسلام أن يدعو إلى الجهاد ومقارعة الأعداء وصون حريم الملة وحفظ نظام الدولة .
ثم ذكر أن الرسم فيها أن تفتتح بحمد الله تعالى على جميل صنعه على إعزاز الكلمة وإسباغ النعمة باظهار هذه الملة وما وعد الله به من نصر أوليائه وخذلان أعدائه وأدالة الموحدين وإذالة الملحدين والصلاة على رسوله وعلى آله وذكر طرف من مواقفه في الجهاد ومقارعته لشيع الإلحاد وتأييد الله تعالى أنصاره على أهل العناد ثم يذكر الحادثة بنصها ويشرح القصة على فصها ويندب من جاوره وداناه من أهل الملة أجمعين