من وراء تلك الحمرة برق ساطع فصار كلما لمع البرق داخل تلك الحمرة يخال الناظر أنها نار لا محالة حتى داخلني منه أنه عذاب قد صب على الناس ثم انقشع بعد العشاء بقليل فلذلك لم ينتبه له أهل مصر وبالجملة فوقائع الدهر وعجائبه أكثر من أن تحصر ولا يحتمل هذا الموضع أكثر من هذا القدر .
( والليالي كما علمت حبالى ... مقربات يلدن كل عجيب ) .
المقصد الثاني في بيان وجه استعمال الكاتب ذلك في خلاله كلامه .
لا يخفى أن الكاتب إذا عرف أحوال المتقدمين وسيرهم وأخبارهم ومن برع منهم صار عنده علم بما لعله يسأل عنه واعتداد لما يرد عليه من ذكر واقعة بعينها أو يحتج عليه به من صور قديمة ليكون على يقين منها مع ما يحتاج إلى إيراده في خلال مكاتباته ورسائله من ذكر من حسن الاحتجاج بذكره في أمر من الأمور أو حالة من الحالات كما كتب به البديع الهمذاني إلى أبي الحسين بن فارس وقد بلغه أنه ذكر في مجلسه فقال إن البديع قد نسى حق تعليمنا إياه وعقنا وشمخ بأنفه عنا والحمد لله على فساد الزمان وتغير نوع الإنسان فكتب إليه .
نعم أطال الله بقاء الشيخ الإمام إنه الحمأ المسنون وإن ظنت الظنون والناس لآدم وإن العهد قد تقادم وارتكبت الأضداد واختلط الميلاد والشيخ يقول فسد الزمان أفلا يقول متى كان صالحا أفي الدولة العباسية وقد رأينا آخرها وسمعنا أولها أم المدة المروانية وفي أخبارها لا