الضرب الثاني مما يلزم الكاتب في كتابة الهدنة تحرير أوضاعها وترتيب قوانينها وإحكام معاقدها .
وذلك باعتماد أمور .
منها أن يكتب الهدنة فيما يناسب الملك الذي تجري الهدنة بينه وبين ملكه ولم أر من تعرض في الهدن لمقدار قطع الورق وإن كثرت كتابتها في الزمن المتقدم بين ملوك الديار المصرية وبين ملوك الفرنج كما سيأتي ذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى .
والذي ينبغي أن يراعى في ذلك مقدار قطع الورق الذي يكاتب فيه الملك الذي تقع الهدنة معه من قطع العادة أو الثلث أو النصف .
ومنها أن يأتي في ابتدائها ببراعة الاستهلال إما بذكر تحسين موقع الصلح والندب إليه ويمن عاقبته أو بذكر السلطان الذي تصدر عنه الهدنة أو السلطانين المتهادنين أو الأمر الذي ترتب عليه الصلح وما يجري هذا المجرى مما يقتضيه الحال ويستوجبه المقام .
ومنها أن يأتي بعد التصدير بمقدمة يذكر فيها السبب الذي أوجب الهدنة ودعا إلى قبول الموادعة .
فإن كانت الهدنة مع أهل الكفر احتج للإجابة إليها بالائتمار بأمر القرآن والانقياد إليه حيث أمر الله رسوله بالمطاوعة على الصلح والإجابة إلى السلم بقوله ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ) وما وردت به السنة من مصالحته قريشا عام الحديبية وذكر ما سنح له من آيات الصلح وأحاديثه وما جرى عليه الخلفاء الراشدون من بعده وكفهم عن القتال وقوفا عند ما حد لهم وأنه لولا ذلك لشرعوا الأسنة