المذهب الثالث أن تفتتح المهادنة بخطبة مبتدأة بالحمد لله .
وعلى هذا بنى صاحب مواد البيان أمره في كتابة الهدنة حيث قال والرسم فيها أن تفتتح بحمد الله تعالى على الهداية إلى دين الإسلام الذي أذل كل دين وأعزه وخذل كل شرع ونصره وأخفى كل مذهب وأظهره والتوغل في توحيده وتقديسه وتمجيده والثناء عليه بآلائه والصلاة على خير أنبيائه محمد .
قلت ولم يأت بصورة هدنة منتظمة على هذا الترتيب بل أشار إلى كيفية عملها .
ثم قال والبليغ يكتفي بقريحته في ترتيب هذه المعاني إذا دفع إلى الإنشاء فيها إن شاء الله تعالى .
ولم أقف لغيره على صورة هدنة مفتتحة بالتحميد ولا يخفى أن الابتداء به في كل مهم من العهود وجلائل الولايات ونحو ذلك هو المعمول عليه في زماننا .
الطرف الثاني فيما يشارك فيه ملوك الكفر الأسلام ملوك في كتابة نسخ من دواوينهم .
اعلم أن الغالب في الهدن الواقعة بين ملوك الديار المصرية وبين ملوك الكفر أن تكتب نسخة تخلد بديوان الإنشاء بالديار المصرية ونسخة تجهز إلى الملك المهادن .
وربما كتبت نسخة من ديوانه مفتتحة بيمين .
وهذه نسخة هدنة وردت من جهة الأشكري صاحب القسطنطينية في شهر رمضان سنة ثمانين وستمائة مؤرخة بتاريخ موافق لأواخر المحرم من السنة المذكورة فعربت فكانت نسختها على ما ذكره ابن مكرم في تذكرته