السجع في الكلام وأن تمسك به بعض من نبا عن السجع طبعه ونفرت منه قريحته إذ يحتمل أنه إنما كره السجع من ذلك الرجل لمشابهة سجعه حينئذ سجع الكهان لما في سجعهم من التكلف والتعسف كما وجهه أبو هلال العسكري وإما لجريانه على عادتهم في الجواب في الأحكام وغيرها بالكلام المسجوع كما في وجهه غيره أو أنه انما كره حكم الكاهن الوارد باللفظ المسجوع بإنكار إيجاب الدية لأنفس السجع المأتي به كما اختاره صاحب المثل السائر ولو كره السجع نفسه لاقتصر على قوله أسجعا ولم يقيده بسجع الكهان .
الغرض الثالث في بيان أقسام السجع وهي راجعة إلى صنفين .
الصنف الأول أن تكون القرينتان متفقتين في حرف الروي ويسميه الرماني السجع الحاني وعليه عمل أكثر الكتاب من زمن القاضي الفاضل وهلم جرا إلى زماننا وفيه ثلاث مراتب .
المرتبة الأولى أن تكون ألفاظ القرينتين مستوية الأوزان متعادلة الأجزاء ويسمى التصريع وهو أحسن أنواع السجع وأعلاها .
ومنه في النثر قوله تعالى ( إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم ) وقوله ( إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ) .
وقول النبي في دعائه اللهم اقبل توبتي واغسل حوبتي .
وقوله للأنصار إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع وقول بعض الأعراب في وصف سنة جدبة سنة جردت وحال جهدت وأيد جمدت ونحو ذلك .
ومثاله في النظم قول الخنساء