يكون ارتفاع القطب أربعا وثمانين درجة فهناك يكون مدار ما بين النصف من الحمل إلى النصف من السنبلة ظاهرا أبدا والبروج النظيرة لها غائبة أبدا فيكون خمسة أشهر من الصيف نهارا كله وخمسة أشهر من الشتاء ليلا كله .
ومما يعرض في هذه المواضع التي تقدم ذكرها أنه إذا كان قطب فلك البروج في دائرة نصف النهار مما يلي الجنوب كان أول الحمل في المشرق وأول الميزان في المغرب وتكون البروج الشمالية ظاهرة أبدا فوق الأرض والجنوبية غائبة تحتها وهناك يطلع ما له طلوع من آخر الفلك فيما بين الجدي والسرطان منكوسا فيطلع الثور قبل الحمل والحمل قبل الحوت والحوت قبل الدلو وكذلك تغرب نظائرها منكوسة .
وحيث يكون ارتفاع القطب تسعين درجة فيصير على سمت الرأس فهناك تكون دائرة معدل النهار منطبقة على الأفق أبدا ويكون دور الفلك رحويا موازيا للأفق ويكون نصف السماء الشمالي عن معدل النهار ظاهرا أبدا فوق الأرض والنصف الجنوبي غائبا تحتها فلذلك إذا كانت الشمس في البروج الشمالية كانت طالعة تدور حول الأفق ويكون أكثر ارتفاعها عنه بمقدار ميلها عن معدل النهار وإذا كانت في البروج الجنوبية كانت غائبة أبدا فتكون السنة هناك يوما واحدا ستة أشهر ليلا وستة أشهر نهارا ولا يكون لها طلوع ولا غروب .
فظهر من هذا أن حركة الفلك بالنسبة للآفاق إما دولابية وهي في خط الاستواء وإما حمائلية وهي في الآفاق المائلة عنه وإما رحوية وهي في المواضع التي ينطبق فيها قطب العالم على سمت الرأس فسبحان من أتقن ما صنع .
الجملة الثالثة في معرفة زيادة الليل والنهار ونقصانهما بتنقل الشمس في البروج .
اعلم أن للشمس حركتين سريعة وبطيئة