ينقطع عمل الأردن ومبدأ عمل فلسطين ميل واحد إلى الرملة نحو أربعين ميلا إلى عسقلان ثمانية عشر ميلا وموضع الرملة هو كان آخر عمل بني إسرائيل فذلك ثلاثة وسبعون ميلا وعرضه من البحر الشامي إلى أول عمل جبل الشراة وأول عمل مواب وأول عمل عمان نحو ذلك أيضا وعمل صغير شرقي الأردن يسمى الغور فيه مدينة بيسان يكون أقل من ثلاثين ميلا في ثلاثين ميلا ولا يزيد وكان هذا العمل الذي بشرقي الأردن بزعمهم وقع لبني رؤابين وبني جادا ونصف بني منشا بن يوسف عليه السلام لأنه كان يصلح لرعي المواشي وكان هؤلاء أصحاب بقر وغنم فاعجبوا لهذا الكذب المفضوح وهذا المحال الممتنع أن تكون المسافة المذكورة تقسم أرضها على عدد يكون ابنا العشرين منهم فصاعدا خاصة أزيد من ستمائة ألف فأين من دون العشرين وأين النساء والكل بزعمهم أخذ سهمه من الأرض المذكورة ليعيش من زرعها وثمرتها واعلموا أنه لا يمكن البتة أن يكون في المساحة المذكورة على أن تكون مساحة كل قرية ميلا في ميل مزارعها ومشاجرها إلا ستة آلاف قرية ومائتا قرية هذا على أن يكون جميع العمل المذكور عمرانا متصلا لا مرج فيه ولا شجر ولا أرض محجرة لا تعمر ولا أرض مرملة ولا سبخة ملح كذلك وهذا محال أن يكون فعلى هذا يقع لكل قرية من الرجال المذكورين مائة رجل أو نحو ذلك سوى من هو دون العشرين بينهم وسوى النساء ولا سبيل البتة على هذا أن يدركوا فيها المعاش وهذا كذب لا خفاء به لا سيما إذ بلغوا ألف ألف مقاتل وخمسمائة مقاتل سوى من لا يقاتل وسوى النساء أين هذا الكذب البارد من الحق الواضح في قول الله تعالى حاكيا عن فرعون أنه قال إذ تبع بني أسرائيل أن هؤلاء لشرذمة قليلون هذا الذي لا يجوز غيره ولا يمكن سواه أصلا وكذبة أخرى وهي أنهم ذكروا في كتاب يوشع أن البلد المذكور كان فيه من المدن في سهم بني يهوذا مائة مدينة وأربعة مدن وفي سهم بني شمعون سبع عشرة مدينة وفي سهم بنيامين ثمان وعشرون مدينة وفي سهم بني زبلون اثني عشر مدينة وفي سهم بني نفتالى تسع عشرة مدينة وفي سهم بني دان ثمان عشرة مدينة فذلك مائتا مدينة واثنتان وست وثلاثون مدينة قال في الكتاب المذكور سوى قراها لا يحصيها إلا الله D وذكر فيه أنه وقع لنصف بني منشا بن يوسف بشرقي الأردن باشان وعملها وأن مدائنهم المحصنة ستون مدينة سوى قراها لا يحصيها إلا الله فالمجتمع من هذه المدن المذكورة ثلاث مائة مدينة غير أربع مدن ولم يذكر عدد مدائن بني رؤابين ولا عدد مدائن بني عادو ولا عدد مدائن نصف بني منشا لذي بغرب الأردن ولا مدائن بني أفرايم وهذه الأسباط التي لم تذكر مدنها تقع على ما توجبه توراتهم في الربع من جميع بني إسرائيل يقع لهم على هذا الحساب نحو مائة مدينة إذا ضمت إلى العدد الذي ذكرنا فتمام الجميع نحو أربعمائة مدينة فأعجبوا لهذه الشهرة أن تكون البقعة التي قد ذكرنا مساحتها على قلتها وتفاهتها تكون فيها هذه المدن وقد ذكر أن نصف سبط بني منشا الذين وقعوا بشرقي الأردن ووقع في خطهم ستون مدينة كانوا ستة وعشرين ألف رجل مقاتلين كلهم ليس فيهيم ابن أقل من عشرين سنة والعمل باق إلى اليوم لعله اثني عشر ميلا في مثلها ما رأيت