وقوته ولم نر أحدا ممن تكلم قبلنا ذكر هذه الفرقة فجمعت ما نظرتهم به وأضفت إليه ما وجبت إضافته إليه مما فيه تزييف وقولهم وما توفيقنا إلا بالله وهذا الزمان والمكان عندهم هما غير المكان المعهود عندنا وغير الزمان المعهود عندنا لأن المكان المعهود عندنا هو المحيط بالتمكن فيه من جهاته أو من بعضها وهو ينقسم إلى قسمين أما مكان يتشكل المتمكن فيه بشكله كالبر أو الماء في الخابية وما أشبه ذلك وأما مكان يتشكل هو بشكل المتمكن فيه كالماء لما حل به من الأجسام وما أشبهه والزمان المعهود عندنا هو مدة وجود الجرم ساكنا أو متحركا أو مدة وجود العرض في الجسم ويعمه أن نقول هو مدة وجود الفلك وما فيه من الحوامل والمحمولات وهم يقولون أن الزمان المطلق والمكان المطلق هما غير ما حددناه آنفا من الزمان والمكان ويقولون أنهما شيئا متغايران ولقد كان يكفي من بطلان قولهم اقرارهم بمكان غير ما يعهد وزمان غير ما يعهد بدليل على ذلك ولكن لا بد من إيراد البراهين على إبطال دعواهم في ذلك بحول الله وقوته فيقال لهم وبالله تعالى التوفيق أخبرونا عن هذا الخلاء الذي أثبتم وقلتم أنه كان موجودا قبل حدوث الفلك وما فيه هل بطل بحدوث الفلك ما كان منه في مكان الفلك قبل أن يحدث الفلك أو لم يبطل فإن قالوا لم يبطل وبذلك أجابني بعضهم فيقال لهم فإن كان لم يبطل فهل انتقل عن ذلك المكان بحدوث الفلك في ذلك المكان أو لم ينتقل فإن قالوا لم ينتقل وهو قولهم قيل لهم فإذا لم يبطل ولا انتقل فأين حدوث الفلك وقد كان في موضعه قبل حدوثه عندكم معنى ثابت قائم بنفسه موجود وهل حدث الفلك في ذلك المكان المطلق الذي هو الخلاء أم في غيره فإن كان حدث في غيره فها هنا إذا مكان آخر غير الذي سميتموه خلاء وهو أما مع الذي ذكرتم في حيز واحد أم هو في حيز آخر فإن كان معه في حيز واحد فالفلك فيه حدث ضرورة وقد قلتم أنه لم يحدث فيه فهو وإذا حادث فيه غير حادث فيه وهذا تناقض ومحال وإن كان في حيز آخر فقد أنبتم النهاية للحلاء إذ الحيز