تعالى هو غير قدرته وإذا هو غيرها فهما غير الله تعالى وقد يعلم الله تعالى قادرا من لا يعلمه عالما ويعلمه عالما من لا يعلمه قادرا فصح أن كل ذلك معان متغايرة واحتج بهذا كله أيضا من رأى أنه علم الله تعالى لم يزل وأنه مع ذلك غير الله تعالى وأنه غير قدرته أيضا واحتج بآيات من القرآن مثل قوله تعالى ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ومثل هذه .
قال أبو محمد من قال بحدوث العلم فإنه قول عظيم جدا لأنه نص بأن الله تعالى لم يعلم شيئا حتى أحدث لنفسه علما وإذا ثبت أن الله تعالى يعلم الآن الأشياء فقد انتفى عنه الجهل بها يقينا فلو كان يوما من الدهر لا يعلم شيئا مما سيكون فقد ثبت له الجهل به ولا بد من هذا ضرورة وإثبات الجهل لله تعالى كفر بلا خلاف لأنه وصفه تعالى بالنقص ووصفه يقتضي له الحدوث ولا بد وهذا باطل مما قدمنا من انتفاء جميع صفات الحدوث عن الفاعل تعالى وليس هذا من باب نفي الضدين عنه كنفينا عنه تعالى الحركة والسكون لأن نفي جميع الضدين موجود عما ليس فيه أحدهما أو كلاهما وأما إذا ثبت للموصوف بعض نوع من الصفات وانتفى عنه بعض ذلك النوع فلا بد ههنا ضرورة من إثبات ضده مثال ذلك الحجر انتفى عنه العلم والجهل وأما الإنسان إذا ثبت له العلم بشيء وانتفى عنه العلم بشيء آخر فقد وجب ضرورة إثبات الجهل له بما لم يعلمه وهكذا في كل شيء فإذا قد صح هذا فالواجب النظر في إفساد احتجاجهم فأما قولهم لو كان علم الله لم يزل وهو غير الله تعالى لكان ذلك شركا فهو قول صحيح واعتراض لا يرد وأما قولهم لو كان هو الله لكان الله علما فهذا لا يلزم على ما نبين بعد هذا إن شاء الله وجملة ذلك أننا لا نسمي الله D إلا بما سمى به نفسه ولم يسم نفسه علما ولا قدرة فلا يحل لأحد أن يسمه بذلك وأما قوله هل يفهم من قول القائل الله كالذي يفهم من قوله عالم فقط أو يفهم من قوله عالم معنى غير ما يفهم من قوله الله فجوابنا وبالله تعالى نتأيد أننا لا نفهم من قولنا قدير وعالم إذا أردنا بذلك الله تعالى إلا ما نفهم من قولنا الله فقط لأن كل ذلك أسماء أعلام لا مشتقة من صفة أصلا لكن إذا قلنا هو الله تعالى بكل شيء عليم ويعلم