لا يخبر عن مسمى أحدهما بشيء إلا كان ذلك الخبر خبرا عن مسمى الإسم الآخر ولا بد أبدا فمسماهما واحد بلا شك فإذا قد صح فساد هذا القول فلنقل بعون الله تعالى أنه لم يزد في هذه العبارة على أن قال لا يقال في هذا شيء .
قال أبو محمد وهذا خطأ لأنه لا بد ضرورة من أحد هذين القولين فسقط هذا القول أيضا إذ ليس فيه بيان الحقيقة وأما قول أبي الهذيل أن علم الله هو الله فإنه تسمية منه للباري تعالى باستدلال ولا يجوز أن يخبر عن الله تعالى ولا أن يسمى باستدلال البتة لأنه بخلاف كل ما خلق فلا دليل يوجب تسميته بشيء من الأسماء التي يسمى بها شيء من خلقه ولا أن يوصف بصفة يوصف بها شيء من خلقه ولا أن يخبر عنه بما يخبر به عن شيء من خلقه إلا أن يأتي نص بشيء من ذلك فيوقف عنده فمن وصفه تعالى بصفة يوصف بها شيء من خلقه أو سماه باسم يسمى به شيء من خلقه استدلال لا على ذلك بما وجد في خلقه فقد شبهه تعالى بخلقه وألحد في أسمائه وافترى الكذب ولا يجوز أن يسمى الله تعالى ولا أن يخبر عنه إلا بما سمى به نفسه أو أخبر به عن نفسه في كتابه أو على لسان رسوله A أو صح به إجماع جميع أهل الإسلام المتيقن ولا مزيد وحتى وإن كان المعنى صحيحا فلا يجوز أن يطلق عليه تعالى اللفظ وقد علمنا يقينا أن الله D بنى السماء قال تعالى والسماء بنيناها بأيد ولا يجوز أن يسمى بناء وأنه تعالى خلق أصباغ النبات والحيوان وأنه تعالى قال صبغة الله ولا يجوز أن يسمى صباغا وهكذا كل شيء لم يسم به نفسه وليس يجب أن يسمي الله تعالى بأنه هو علمه وإن صح يقينا أن له علما ليس هو غيره لما ذكرنا وبالله تعالى التوفيق وقد صح أن ذات الله تعالى ليست غيره وأن وجهه ليس غيره وأن نفسه ليست غيره وإن هذه الأسماء لا يعبر بها إلا عنه تعالى لا عن شيء غيره تعالى البتة ولا يجوز أن يقال أنه تعالى ذات ولا أنه وجه ولا أنه نفس ولا أنه علم ولا أنه قدرة ولا أنه قوة لما ذكرنا من امتناع أن يسمى عالم به نفسه عن رجل وأما علم لمخلوقين فهو شيء غيرهم بلا شك لأنه يذهب ويعاقبه جهل والباري تعالى لا يشبهه غيره في شيء من هذه الأشياء البتة بل هو تعالى خلاف خلقه في كل وجه فوجب أن علمه تعالى ليس غيره وقال تعالى ليس كمثله شيء .
قال أبو محمد فإن قال لنا قائل إذ العلم عندكم ليس هو غير الله تعالى وإن قدرته ليست غيره وإن قوته ليست غيره تعالى فأنتم إذا تعبدون العلم والقدرة والقوة فجوابنا في ذلك وبالله تعالى التوفيق أننا إنما نعبد الله تعالى بالعمل الذي أمرنا به لا بما سواه ولا ندعوه إلا كما أمرنا تعالى قال D ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه وقال تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين فنحن لا نعبد إلا الله كما أمرنا ولا نقول أننا نعبد العلم لأن الله تعالى لم يطلق لنا أن نطلق هذا اللفظ ولا أن نعتقده