ولقد سمى الله بها نفسه قبل أن يخلق رسوله A أوحى بها إليه فقط فصح يقينا أن القول بأنها مشتقة فرية على الله تعالى وكذب عليه ونعوذ بالله من ذلك وصح بهذا البرهان الواضح أنه لا يدل حينئذ عليم على علم ولا قدير على قدرة ولا حي على حياة وهكذا في سائر ذلك وإنما قلنا بالعلم والقدرة والقوة والعزة بنصوص أخر يجب الطاعة لها والقول بها ووجدنا المتأخرين من الأشعرية كالباقلاني وابن فورك وغيرهما قالوا أن هذه الأسماء ليست لله تعالى ولكنها تسميات له وأنه ليس لله إلا اسم واحد لكنه قول إلحاد ومعارضة لله D بالتكذيب بالآيات التي تلونا و مخالفة لرسول الله A فيما نص عليه من عدد الأسماء وهتك لإجماع أهل الإسلام عامهم وخاصهم قبل أن تحدث هذه الفرقة ومما حدثه أهل الإسلام في أسماء الله D القديم .
قال أبو محمد وهذا لا يجوز البتة لأنه لم يصح به نص البتة ولا يجوز أن يسمى الله تعالى بما لم يسم به نفسه وقد قال تعالى والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم فصح أن القديم من صفات المخلوقين فلا يجوز أن يسمى الله تعالى بذلك وإنما يعرف القديم في اللغة من القدمية الزمانية أي أن هذا الشيء أقدم من هذا بمدة محصورة وهذا منفي عن الله D وقد أغنى الله D عن هذه التسمية بلفظة أول فهذا هو الاسم الذي لا يشاركه تعالى فيه غيره وهو معنى أنه لم يزل وقد قلنا بالبرهان أن الله تعالى لا يجوز أن يسمى بالاستدلال ولا فرق بين من قال أنه يسمي ربه جسما إثباتا للوجود ونفيا للعدم وبين من سماه قديما إثباتا لأنه لم يزل ونفيا للحدوث لأن كلا اللفظتين لم يأت به نص فإن قال من سماه جسما ألحد لأنه جعله كالأجسام قيل له ومن سماه قديما قد ألحد في أسمائه لأنه جعله كالقدماء فإن قال ليس في العالم قدماء أكذبه القرآن بما ذكرنا وأكذبته اللغة التي بها نزل القرآن إذ يقول كل قائل في اللغة هذا الشيء أقدم من هذا وهذا أمر قديم وزمان قديم وشيخ قديم وبناء قديم وهكذا في كل شيء وأما نفي خلق الإيمان فهذا أعجب ما أتوا به وهل الإيمان إلا فعل المؤمن الظاهر منه يزيد وينقص ويذهب البتة وهو خلق الله تعالى وهذه صفات الحدوث نفسها فإن قالوا أن الله هو المؤمن قلنا لهم نعم هو المؤمن المهيمن المصور فأسماؤه بذلك أعلام لا مشتقة من صفات محمولة فيه D تعالى الله عن ذلك إلا ما كان مسمى له D لفعل فعله فهذا ظاهر كالخالق والمصور فإن قلتم في هذا أيضا أنها صفات لم تزل لزمكم أنه تعالى المصور بتصوير لم يزل وهذا قول أهل الدهر المجرد وبالله تعالى التوفيق .
قال أبو محمد وقال بعضهم أن قولنا سميع بصير يسمع بصير ببصر حي بحياة لا يوجب تشابها ولا