عنه وهذه سبيل الجهال الذين لا حيلة بأيدهم إلا المخرفة وقال أهل السنة ليس من فعل ما أراد الله تعالى وما شاء الله كان محسنا وإنما المحسن من فعل بما أمره الله تعالى به ورضيه منه .
قال أبو محمد ونسألهم فنقول لهم أخبرونا أكان الله تعالى قادرا على منع الكفار من الكفر والفاسق من الفسق وعلى منع من شتمه من النطق به ومن إمراره على خاطره وعلى المنع من قتل من قتل من أنبيائه عليهم الصلاة والسلام أم كان عاجزا عن المنع من ذلك فإن قالوا لم يكن قادرا على المنع من شيء من ذلك فقد أثبتوا له معنى العجز ضرورة وهذا كفر مجرد وإبطال لإلهيته تعالى وقطع عليه بالضعف والنقص وتناهي القوة وإنقطاع القدرة مع التناقض الفاحش لأنهم مقرون أنه تعالى هو أعطاهم القوة التي بها كان الكفر والفسق وشتمه تعالى وقتل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فمن المحال المحض أن يكون تعالى لا يقدر على أن لا يعطيهم الذي أعطاهم وهذه صفة المضطر المجبر وإن قالوا بل هو قادر على منعهم من كل ذلك أفروا ضرورة أنه مريد لبقائهم على الكفر وأنه المبقي للكافر وللكفر وحالف الزمان الذي امتد فيه الكافر على كفره والفاسق على فسقه وهذا نفسه هو قولنا أنه أراد كون الكفر والفسق والشتم له وقتل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولم يرض عن شيء من ذلك بل سخطه تعالى وغضب على فاعله وقالت المعتزلة إن كان الله تعالى أراد كون كل ذلك فهو إذن يغضب مما أراد .
قال أبو محمد ونحن نقر أنه تعالى يغضب على فاعل ما أراد كونه منه ثم نعكس عليهم هذا السؤال بعينه فنقول لهم فاذ هذا عندكم منكر وأنتم مقرون بأنه قادر على المنع منه فهو عندكم يغضب مما أقر ويسخط ما يقره ولا يغيره ويثبت ما لا يرضى وهذا هو الذي شنعوا فيه ولا يقدرون على دفعه والشاعة عليهم راجعة لأنهم أنكروا ما لزمهم وبالضرورة ندري أن من قدر على المنع من شيء فلم يفعل ولا منع منه فقد أراد وجود كونه ولو لم يرد كونه لغيره ولمنع منه ولما تركه يفعل فإن قالوا أنه حكيم وخلاهم دون منع لسر من الحكمة له في ذلك قيل لهم فاقنعوا بمثل هذا الجواب ممن قال لكم أنه أراد كونه لأنه حكيم كريم عزيز وله في ذلك سر من الحكمة .
قال أبو محمد وأما نحن فنقول أنه تعالى أراد كون كل ذلك ولا سر هاهنا وأن كل ما فعل فهو حكمة وحق وأن قولهم هذا هادم لمقدمتهم الفاسدة أنه يقبح من الباري تعالى ما يقبح منا وفيما بيننا وما علم قط ذو عقل أن من خلى من عدوه منطلق اليد على وليه وأحب الناس إليه يقتله ويعذبه ويلطمه ويهينه ويتركه ينطلق على عبيده وإمائه يفجر بهم وبهن طوعا وكرها والسيد حاضر يرى ويسمع وهو قادر على المنع من ذلك فلا يفعل بل لا يقنع بتركهم إلا حتى يعطي عدوه القوة على كل ذلك والآلات المعينة له ويمده بالقوى شيئا بعد شيء فليس حكيما ولا حليما ولكنه عابث ظالم جائر فيلزمهم على أصلهم الفاسد أن يحكموا على الله تعالى بكل هذا لأنهم معترفون بأنه تعالى فعل كل هذا وهذا لا يلزمنا لأننا نقول أن الله تعالى يفعل ما يشاء وأن كل ما فعل مما ذكرنا وغيره فهو كله منه تعالى حكمة وحق وعدل لا يسأل عما يفعل وهم يسألون فبطل بضرورة المشاهدة قولهم أن الله تعالى لم يرد كون الكفر أو كون الفسق أو كون شتمه تعالى وقتل أنبيائه عليهم الصلاة والسلام ولو