وبأي شيء انفصل الخلق بعضه من بعض وأراد أن يلزمنا في ذلك مثل الذي أزمناه في الدلالة المتقدمة قيل له وبالله التوفيق الخلق كله حامل ومحمول فكل حامل فهو منفصل من خالقه ومن غيره من الحاملين بمحموله من فصوله وأنواعه وجنسه وخواصه وأعراضه في مكانه وسائر كيفياته وكل محمول فهو منفصل من خالقه ومن غيره من المحولات بحامله وبما هو عليه مما باين فيه سائر المحمولات من نوعه وجنسه وفصله والباري تعالى غير موصوف بشيء من ذلك كله وبالله تعالى التوفيق وقد ذكرنا في باب الكلام في بقاء الجنة والنار وبقاء الأجسام فيها بلا نهاية وفيما خلا من كتابنا الإنفصال ممن أراد أن يلزمنا همالك ما ألزمناهم نحن هنالك من الأعداد التي لا تتناهى إلا أننا نذكر هنا من ذلك إن شاء الله تعالى طرفا كافيا وبالله تعالى التوفيق وبه نستعين فنقول إن الفرق بين المسألتين المذكورتين أننا لم نوجب نحن في الجنة والنار وجود أعداد لا تتناهي بل قولنا أن اعدادهم متناهية لا تزيد ولا تنقص وإن مساحة النار والجنة محدودة متناهية لا تزيد ولا تنقص وإن كل ما ظهر من حركاتهم ومددهم فيها فمحصورة متناهية وإنما نفينا عنها النهاية بالقوة بمعنى أن الباري تعالى محدث لهم في كلتا الدارين بقاء ومددا ونعيما وعذابا أبدا لا إلى غاية وليس ما ظهر من ذلك بعضا لما لم يظهر فيلزمنا أن يكون إسم كل ما يقع علا الموجود لا يكون بعضا للمعدوم وإنما هو بعض لموجود مثله هذا يعلم بالحس لأن الأسماء إنما تقع على معانيها ومعنى الوجود إنما هو ما كان قائما في وقت من الأوقات ماض من الأوقات أو حال منها فما لم يكن هكذا فليس موجودا وابعاض الموجودات كلها موجودة فكلها موجود وكلها كان موجودا فليس الموجود بعضا للمعدوم والعدم هو إبطال الوجود ونفيه ولا سبيل إلى أن تكون ابعاض الشيء التي يلزمها اسمه الذي لا اسم لها سواه يبطل بعضها بعضا وقد يمكن أن شغب مشغب في هذا المكان فيقول قد وجدنا ابعاضا لا يقع عليها اسم كلها كاليد والرجل والرأس وسائر الأعضاء ليس شيء منها يسمى انسانا فإذا اجتمعت وقع عليها اسم انسان .
قال أبو محمد Bه وهذا شغب لأننا إنما تكلمنا على الأبعاض المتساوية التي كل بعض منها يقع عليه اسم الكل كالماء الذي كل بعض منه ماء وكله ماء وليس الجزء من هذا الباب وكل بعض من ابعاض الموجود فإنه يقع عليه اسم موجود وقد يمكن أن يشغب أيضا مشغب في قولنا