قال أبو محمد وفي هذا الجواب من السخافة وجوه جمة أولها أنه دعوى بالدليل والثاني أنهم لا ينفكون به مما ألزمناهم ونقول لهم كان الله D قادرا على أن يميتهم ولا يوجب موتهم كفر أحد فإن قالوا لأعجزوا ربهم تعالى وإن قالوا بل كان قادرا على ذلك ألزموه الجور والظلم على أصولهم ولا بد من أحد الأمرين والثالث أنه ما يسمع في العالم أسخف من قول من قال أن إنسانا مؤمنا يكفر من أجل صغير مات فهذا أمر ما شوهد قط في العالم ولا توهم ولا يدخل في الإمكان ولا في العقل وكم طفل يموت كل يوم مذ خلق الله تعالى الدنيا إلى يوم القيامة فهل كفر أحد قط من أجل موت ذلك الطفل وإنما عهدنا الناس يكفرون عندما يقع لهم من الغضب الذي يخلقه الله D في طبائعهم وبالعصبية التي أتاهم الله D أسبابها وبالملك الذي أتاهم الله إياه إذا عارضهم فيه عارض والرابع أنه ليس في الجور ولا في العبث ولا في الظلم ولا في المحاباة أعظم من أن يبقى طفلا حتى يكفر فيستحق الخلود في النار ولا يميته طفلا فينجوا من النار من أجل صلاح قوم لولا كفر هذا المنحوس لكفر أولئك وما في الظلم والمحاباة أقبح من هذا وهل هذا إلا كمن وقف إنسانا للقتل فأخذ هو آخر من عرض الطريق فقتله مكانه كأنه يظهر فساد هذا القول السخيف الملعون .
قال أبو محمد وقال بعضهم قد يخرج من صلبه مؤمن .
قال أبو محمد وقد يموت الكافر عن غير عقب وقد يلد الكافر كفارا أضر على الإسلام منه ومع هذا فكل ما ذكرنا يلزم أيضا في هذا الجواب السخيف وأيضا فقد يخرج من صلب المؤمن كافر طاغ وظالم باغ يفسد الحرث والنسل ويثير الظلم ويميت الحق ويؤسس القتالات والمنكرات حتى يضل بها خلق كثير حتى يظنوا أنها حق وسنة فأي وجه لخلق هؤلاء على أصول المعتزلة الضلال نعم وأي معنى وأي صلاح في خلق إبليس ومردة الشياطين وإعطائهم القوة على إضلال الناس من الحكمة المعهودة بيننا وبالضرورة نعلم أن من نصب المصايد للناس في الطرقات وطرح الشوك في ممشاهم فإنه عائب سفيه فيما بيننا والله تعالى خلق كل ما ذكرنا بإقرارهم وهو الحكيم العليم ثم وجدناه تعالى قد شهد للذين بايعوا تحت الشجرة بأنه علم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم ثم أمات منهم من ولي منهم أمور المسلمين سريعا ووهن قوى بعضهم وملك عليهم زيادا والحجاج وبغاة الخوارج فأي مصلحة في هذا للحجاج ولقطري أو لسائر المسلمين لو عقلت المعتزلة ولكن الحق هو قولنا وهو أن كل ذلك عدل من الله وحق وحكمة وهلاك ودمار وإضلال للحجاج المسلط ولقطري ونظايرهما أراد الله تعالى بذلك هلاكهم في الآخرة ونعوذ بالله من الخذلان ثم نسألهم ماذا تقولون إذا أمر الله D بجلد الحرة في الزناماية وبجلد الأمة نصف ذلك أليس هذا محاباة للأمة وإذ خول الله D قوما ما أموالا جمة فعاثوا فيها وحرم آخرين أما هذا عين المحاباة والجور على أصلهم الفاسد فيمن منع جاره الفقير إلا أن يطردوا قولهم فيصيروا إلى قول من ذكر أن الواجب يواسي الناس في الأموال والنساء على السواء وبالجملة فإن القوم يدعون نفي التشبيه ويكفرن من شبه الله تعالى بخلقه ثم لا نعلم أحد أشد تشبيها لله تعالى بخلقه منه قيلزمونه الحكم ويحرون عليه الأمر والنهي ويشبهونه بخلقه تعالى فيما يحسن منه ويقبح ثم نقضوا أصولهم إذ من قولهم أن ما صلح بيننا بوجه من الوجوه فلسنا نعبده عن الباري تعالى ونحن نجد فيما بيننا من يحابي