وهذه الفرقة قد بادت وعمدتهم اليوم ثلاث فرق فأعظمها فرقة الملكانية وهي مذهب جميع ملوك النصارى حيث كانوا حاشى الحبشة والنوبة ومذهب عامة أهل كل مملكة للنصارى حيث كانوا حاشى الحبشة والنوبة ومذهب جميع نصارى افريقية وصقلية والأندلس وجمهور الشام وقولهم إن الله تعالى عبارة عن قولهم ثلاثة أسباب أب وابن وروح القدس كلها لم تزل وإن عيسى عليه السلام إله تام كله وإنسان تام كله ليس أحدهما غير الآخر وأن الإنسان منه هو الذي صلب وقتل وأن الإله منه لم ينله شيء من ذلك وإن مريم ولدت الإله والإنسان وأنهما معا شيء واحد ابن الله تعالى الله عن كفرهم وقالت النسطورية مثل ذلك سواء بسواء إلا أنهم قالوا إن مريم لم تلد الإله وإنما ولدت الإنسان وأن الله تعالى لم يلد الإنسان وإنما ولد الإله تعالى الله عن كفرهم وهذه الفرقة غالبة على الموصل والعراق وفارس وخراسان وهم منسوبون إلى نسطور بطريركا بالقسطنطينية وقالت اليعقوبية أن المسيح هو الله تعالى نفسه وأن الله تعالى عن عظيم كفرهم مات وصلب وقتل وأن العالم بقي ثلاثة أيام بلا مدبر والفلك بلا مدبر ثم قام ورجع كما كان وأن الله تعالى عاد محدثا وأن المحدث عاد قديما وأنه تعالى هو كان في بطن مريم محمولا به وهم في أعمال مصر وجميع النوبة وجميع الحبشة و ملوك الأمتين المذكورتين .
قال أبو محمد Bه ولولا أن الله تعالى وصف قولهم في كتابه إذ يقول تعالى لقد كفر الذين قالوا أن الله هو المسيح ابن مريم وإذ يقول تعالى حاكيا عنهم إن الله تعالى ثالث ثلاثة وإذ يقول تعالى أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله لما انطلق لسان مؤمن بحكاية هذا القول العظيم الشنيع السمح السخيف وتاالله لولا أننا شاهدنا النصارى ما صدقنا أن في العالم عقلا يسع هذا الجنون ونعوذ بالله من الخذلان .
فأما لايعقوبية فإنهم ينسبون إلى يعقوب البرذعاني وكان راهبا بالقسطنطينية وهم فرقة نافرت العقل والحس منافرة وحشية تامة لأن الإستحالة بقلة والبقلة والإستحالة لا يوصف بهما الأول الذي لم يزل تعالى عن ذلك علوا كبيرا ولو كان كذلك لكان مخلوقا والمحدث يقتضي محدثا خالقا له ويكفي من بطلان هذا القول دخوله في باب المحال والممتنع الذي قد أوجب العقل والحس بطلانه وليس في باب المحال أعظم من أن يكون الذي لم يزل يعود محدثا لم يكن ثم كان وأن يشير غير المؤلف مؤلفا