ويلزم هؤلاء القوم أن يعرفونا من دبر السموات والأرض وأدار الفلك هذه الثلاثة الأيام التي كان فيها ميتا تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
ثم يقال للقائلين بأن الباري تعالى ثلاثة أشياء أب وابن وروح القدس أخبرونا أذ هذه الأشياء لم تزل كلها وأنها مع ذات شيء واحد إن كان ذلك كما ذكرتم فبأي معنى استحق أن يكون أحدها يسمى أبا والثاني أبا وأنتم تقولون أن الثلاثة واحد وأن كل واحد منها هو الآخر فالأب هو الابن والابن هو الأب وهذا هو عين التخليط وانجيلهم يبطل هذا بقولهم فيه سأقعد عن يمين أبي وبقولهم فيه إن القيامة لا يعلمها إلا الأب وحده وأن الإبن لا يعلمها فهذا يوجب أن الابن ليس هو الأب وإن كانت الثلاثة متغابرة وهم لا يقولون بهذا فيلزمهم أن يكون في الإبن معنى من الضعف أو من الحدوث أو من النقص به وجب أن ينحط عن درجة الأب والنقص ليس من صفة الذي لم يزل مع ما يدخل على من قال بهذا من وجوب أن تكون محدثة لحصر العدد وجرى طبيعة النقص والزيادة فيها على حسب ما قدمناه في حدوث العالم .
قال أبو محمد Bه وقد لفق بعضهم أشياء قالوا أنها لا معنى لها إلا أننا ننبه عليها ليتبن هجنة قولهم وضعفه بحول الله تعالى وقوته وذلك أن بعضهم قال لما وجب أن يكون الباري تعالى حيا وعالما وجب أن تكون له حياة وعلم فحياته هي التي تسمى روح القدس وعلمه هو الذي يسمى الابن .
قال أبو محمد Bه وهذا من أغث ما يكون من الإحتجاج لأننا قد قدمنا أن الباري تعالى لا يوصف بشيء من هذا من طريق الإستدلال لكن من طريق السمع خاصة ولا يصح لهم دليل لا من انجيلهم ولا من غيره من الكتب إن العلم يسمى ابنا ولا في كتبهم إن علم الله هو ابنه وقد أدعى بعضهم أن هذا تقتضيه اللغة اللاتينية إن علم العالم يقال فيه أنه ابنه .
قال أبو محمد Bه وهذا باطل ظاهر الكذب لأن الإنجيل الذي كان فيه ذكر الأب والابن وروح القدس لا يختلف أحد من الناس في أنه إنما نقل عن اللغة العبرانية إلى السريانية وغيرها فعبر عن تلك الألفاظ العبرانية وبها كان فيه ذكر الأب والابن وروح القدس وليس في اللغة العبرانية شيء مما ذكر وادعى وإن كانوا ممن يقولون بتسمية الباري