للإسلام فهم لا مع الكفار ولا منهم ولا إليهم لأن هؤلاء يظهرون الإسلام وأولئك لا يظهرونه ولا هم مع المسلمين ولا منهم ولا إليهم لأبطانهم الكفر وليس في هاتين الآيتين انهم ليسوا كفارا وقد قال D ومن يتولهم منكم فإنه منهم فصح يقينا أنهم كفار لا مؤمنون أصلا وبالله تعالى التوفيق ويقال لمن قال أن صاحب الكبيرة منافق ما معنى هذه الكلمة فجوابهم الذي لا جواب لأحد في هذه المسألة غيره هو أن المنافق من كان النفاق صفته ومعنى النفاق في الشريعة هو إظهار الإيمان وإبطان الكفر فيقال له وبالله تعالى التوفيق لا يعلم ما في النفس إلا الله تعالى ثم تلك النفس التي ذلك الشيء فيها فقط ولا يجوز أن نقطع على اعتقاد أحد الكفر إلا بإقراره بلسانه بالكفر وبوحي من عند الله تعالى ومن تعاطى علم ما في النفوس فقد تعاطى علم الغيب وهذا خطأ متيقن يعلم بالضرورة وحسبك من القول سقوطا أن يؤدي إلى المحال المتيقن وقد قيل لرسول الله A رب مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه فقال عليه السلام إني لم أبعث لأشق عن قلوب الناس وقد ذكر الله تعالى المنافقين فقال لرسول الله A وممن حولكم من الأعراب منافقون لا تعلمهم نحن نعلمهم فإذا كان رسول الله A لا يعرف المنافقين وهم معه وهو يراهم ويشاهد أفعالهم فمن بعده أحرى أن لا يعلمهم ولقد كان الزناة على عهده A والسرقة وشراب الخمر ومضيعوا فرض الصلاة في الجماعة والقاتلون عمدا والقذفة فما سمي عليه السلام قط أحدا منهم منافقين بل أقام الحدود في ذلك وتوعد بحرق المنازل وأمر لديه والعفو وأبقاهم في جملة المؤمنين وأبقى عليهم حكم الإيمان واسعة وقد قلنا أن التسمية في الشريعة لله D لا لأحد دونه ولم يأت قط عن الله D تسمية صاحب الكبيرة منافقا فإن قالوا قد صح عن النبي A أنه قال وقد ذكر خصالا من كن فيه كان منافقا خالصا وإن صام وصلى وقال أني مسلم وذكر عليه السلام تلك الخصال فمنها إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر وذكر عليه السلام أن من كانت به خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها قلنا له وبالله تعالى التوفيق صدق رسول الله A وقد أخبرناك أن المنافق هو من أظهر شيئا وأبطن خلافه مأخوذ في أصل اللغة من نافقاء اليربوع وهو باب في جانب جحره مفتوح قد غطاه بشيء من تراب وهذه الخلال كلها التي ذكرها رسول الله A كلها باطن صاحبها بخلاف ما يظهر فهو منافق هذا النوع من النفاق وليس هو النفاق الذي يظن صاحبه الكفر بالله برهان ذلك ما ذكرناه آنفا من إجماع الأمة على أخذ زكاة مال كل من وصف رسول الله A بالنفاق وعلى إنكاحه ونكاحها أن كانت امرأة وموارثته وأكل ذبيحته وتركه يصلي مع المسلمين وعلى تحريم دمه وماله ولو تيقنا أنه يبطن الكفر لوجب قتله وحرم إنكاحه ونكاحها وموارثته وأكل ذبيحته ولم نتركه يصلي مع المسلمين ولكن تسمية النبي A من ذكر منافقا كتسمية الله D الذراع كفارا إذ يقول تعالى كمثل غيث أعجب الكفار نباته لأن أصل الكفر في اللغة التغطية فمن ستر شيئا فهو كافر وأصل النفاق في اللغة سترشيء وإظهار خلافه فمن ستر شيئا وأظهر خلافه فهو منافق فيه وليس هذان من الكفر الديني ولا من النفاق الشرعي في شيء وبهذا تتألف الآيات والاحاديث كلها وبالله تعالى التوفيق ثم نقول لمن قال بهذا القول هل أتيت بكبيرة قط فإن قال لا قيل له هذا القول كبيرة