بسم الله الرحمن الرحيم .
هل تعصى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
قال أبو محمد اختلف الناس في هل تعصي الأنبياء عليهم السلام أم لا فذهبت طائفة إلى أن رسل الله صلى الله عليهم وسلم يعصون الله في جميع الكبائر والصغائر عمدا حاشي الكذب في التبليغ فقط وهذا قول الكرامية من المرجئة وقول إبن الطيب الباقلاني من الأشعرية ومن اتبعه وهو قول اليهود والنصارى وسمعت من يحكي عن بعض الكرامية أنهم يجرزون على الرسل عليهم السلام الكذب في التبليغ أيضا وأما هذا الباقلاني فإنا رأينا في كتاب صاحبه أبي جعفر السمناني قاضي الموصل أنه كان يقول أن كل ذنب دق أوجل فإنه جائز على الرسل حاشى الكذب في التبليغ فقط قال وجائز عليهم أن يكفروا قال وإذا نهى النبي عليه السلام عن شيء ثم فعله فليس ذلك دليلا على أن ذلك النهي قد نسخ لأنه قد يفعله عاصيا لله D قال وليس لأصحابه أن ينكروا ذلك عليه وجوز أن يكون في أمة محمد عليه السلام من هو أفضل من محمد E مذ بعث إلى أن مات .
قال أبو محمد وهذا كله كفر مجرد وسرك محض ورده عن الإسلام قاطعة للولاية مبيحة دم من دان بها وماله موجبة للبراءة منه في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد وذهبت طائفة إلى أن الرسل عليهم الصلاة والسلام لا يجوز عليهم كبيرة من الكبائر أصلا وجوزوا عليهم الصغائر بالعمد وهو قول إبن فورك الأشعري وذهبت جميع أهل الإسلام من أهل السنة والمعتزلة والنجارية والخوارج والشيعة إلى أنه لا يجوز البتة أن يقع من نبي أصلا معصية بعمد لا صغيرة ولا كبيرة وهو قول إبن مجاهد الأشعري شيخ إبن فورك والباقلاني المذكورين قال أبو محمد وهذا القول الذي ندين الله تعالى به ولا يحل لأحد أن يدين بسواه ونقول أنه يقع من الأنبياء السهو عن غير قصد ويقع منهم أيضا قصد الشيء يريدون به وجه الله تعالى والتقرب منه فيوافق خلاف مراد الله تعالى إلا أنه تعالى لا يقرهم على شيء من هذين الوجهين أصلا بل ينبههم على ذلك ولا يداثر وقوعه منهم ويظهر D ذلك لعباده ويبين لهم كما فعل نبيه A في سلامة من إثنتين وقيامه من إثنتين وربما عاتبهم على ذلك بالكلام كما فعل نبيه عليه السلام في أمر زينب أم المؤمنين وطلاق زيد لها Bهما