فقال يوسف وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء فليس في هذا الحديث على معنى من المعاني تحقيق الهم بالفاحشة ولكنه فيه أنه بأمرها وهذا حق كما قلنا فسقط هذا الإعتراض وصح الوجه الأول والثاني معا إلا أن الهم بالفاحشة باطل مقطوع على كل حال وصح أن ذلك الهم ضرب سيدته وهي خيانة لسيده إذ هم بضرب امرأته وبرهان ربه ها هنا هو النبوة وعصمة الله D إياه ولولا البرهان لكان يهم بالفاحشة وهذا لا شك فيه ولعل من ينسب هذا إلى النبي المقدس يوسف ينزه نفسه الرذله عن مثل المقام فيهلك وقد خشي النبي A الهلاك على من ظن به ذلك الظن إذ قال للأنصاريين حين لقيهما هذذه صفية .
قال أبو محمد ومن الباطل الممتنع أن يظن ظان أن يوسف عليه السلام هم بالزنا وهو يسمع قول الله تعالى كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء فنسأل من خالفنا عن الهم بالزنا بسوء هو أم غير سوء فلا بد أنه سوء ولو قال أنه ليس بسوء لعاند الإجماع فإذ هو سوء وقد صرف عنه السوء فقد صرف عنه الهم بيقين وأيضا فإنها قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا وأنكر هو ذلك فشهد الصادق المصدق إن كان قمصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فصح أنها كذبت بنص القرآن وإذا كذبت بنص القرآن فما أراد بها سوء فما هم بالزنا قط ولو أراد بها الزنا لكانت من الصادقين وهذا بين جدا وكذلك قوله تعالى عنه أنه قال وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن فصح عنه أنه قط لم يصب إليها وبالله تعالى التوفيق تم الكلام في يوسف عليه السلام .
الكلام في موسى عليه السلام وأمه .
قال أبو محمد ذكروا قول الله تعالى وأصبح فؤاد أم موسى فارغا أن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها فمعناه فارغا من الهم بموسى جملة لأن الله D قد وعدها برده إليها إذ قال لها تعالى إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين فمن الباطل المحض أن يكون اله تعالى ضمن لها رده إليها ثم يصبح قلبها مشغولا بالهم بأمره هذا مالا يظن بذي عقل أصلا وإنما معنى قوله تعالى أن كادت لتبدي به أي سرورا بما أتاه الله D من الفضل وقولها لأخته قصية إنما هو لترى أخته كيفية قدرة الله تعالى في تخليصه من يدي فرعون عدوه بعد وقوعه فيهما وليتم بها ما وعدها الله تعالى من رده إليها فبعثت أخته لترده بالوحي ذكروا قول الله تعالى عن موسى عليه السلام فأخذ برأس أخيه يجره إليه قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ورأسي قالوا وهذه معصية أن يأخذ بلحية أخيه وشعره