اليد فيه لا مادة له فعلمنا أن محيل هذه الطبائع وفاعل هذه المعجزات هو الأول الذي أحدث كل شيء ووجدنا هذه القوى قد أصحبها الله تعالى رجالا يدعون إليه ويذكرون أنه تعالى أرسلهم إلى الناس ويستشهدون به تعالى فيشهد لهم بهذه المعجزات المحدثة منه تعالى في حين رغبة هؤلاء القوم إليه فيها وضراعتهم إليه في تصديقهم بها فعلمنا علما ضروريا لا مجال للشك فيه أنهم مبعوثون من قبله D وأنهم صادقون فيما أخبروا به عنه تعالى إذ لا سبيل في طبيعة مخلوق في العالم إلى التحكم على الباري ولا على طبائع خلقه بمثل هذا ووجوب النبوة إذ ظهر على مدعيها معجزة من احالة الطبائع المخالفة لما بنى عليه العالم وقد تكلمنا في غير هذا المكان على أن هذه الأشياء لها طرق توصل إلى صحة اليقين بها عند من لم يشاهدها كصحتها عند من شاهدها ولا فرق وهي نقل الكافة التي قد استشعرت العقول ببدايتها والنفوس بأول معارفها أنه لا سيبل إلى جواز الكذب ولا الوهم عليها وان ذلك ممتنع فيها فمن تجاهل وأجاز ذلك عليها خرج عن كل معقول ولزمه أن لا يصدق أن من غاب عن بصره من الإنس بأنهم أحياء ناطقون كمن شاهدوا أن صورهم على حسب الصورة التي عاين ولزم أن يكون عنده ممكنا في بعض من غاب عن بصره من الناس أن يكونوا بخلاف ما عهد من الصورة إذ لا يعرف أحد إن كان غاب عن حسه فإنه في مثل كيفية ما شاهد من نوعه إلا بنقل الكواف ذلك كما نقلت أن بعضهم بخلاف ذلك في بعض الكيفيات فوجب تصديق ذلك ضرورة كبلاد السودان وما أشبه ذلك ويلزم من لم يصدق خبر الكافة ويجيز فيه الكذب والوهم أن لا يصدق ضرورة بأن أحدا كان قبله في الدنيا ولا أن في الدنيا أحد إلا من شاهد بحسه فإن جوز هذا عرف بقلبه أنه كاذبوخرج عن حدود من يتكلم معه لأن هذا الشيء لا يعرف البتة إلا من طريق الخبر لا غير فإن نفر عن هذا وأقر بأنه قد كان قبله ملوك وعلماء ووقائع وأمم وأيقن بذلك ولم يكن في كثير منها شك بلى هي عنده في الصحة كما شاهد ولا فرق سئل من أين عرفت ذلك وكيف صح عندك فلا سبيل له أصلا إلى أن يصح ذلك عنده إلا بخبر منقول نقل كافة وبالله تعالى التوفيق فنقول له حينئذ فرق بين ما نقل إليك من كل ذلك وبين كل ما نقل إليك من علامات الأنبياء ولا سبيل له إلى الفرق بين شيء من ذلك أصلا فإن قال الفرق بينها وبينها أنه لا ينكر أحد هذه الأمور وكثير من الناس ينكرون أعلام الأنبياء قيل له وبالله تعالى التوفيق إن كثيرا من الناس لا يعرفون كثيرا مما صح عندك من الأخبار العارضة لمن كان في بلادك قبلها فليس جهلهم بها ودفعهم لها لو حدثوا بها مخرجا لها عن الصحة وكذلك جحد من جحد إعلام الأنبياء ليس مخرجا لها عن الوجوب والصحة فإن قال أنه ليس نجد الناس على الكذب فيما كان قبلنا من الأخبار ما نجدهم على الكذب في أعلام النبوة قيل له وبالله التوفيق هذا كذب بل الأمران سواء لا فرق بينهما ومن الملوك من يشتد عليهم وصف أسلافهم بالجور والظلم والقبائح ويحمي هذا الباب بالسيف فما دونه فما انتفعوا بذلك في كتمان الحق قد نقل ذلك كله وعرف كما نقلت فضائل من يغضب ملوك الزمان من مدحه كفضائل علي Bه ما قدر قط من ملوك بني مروان على سترها وطيها وقد رام المأمون والمعنصم والواثق على سعة ملكهم لأقطار الأرض قطع القول بأن القرآن غير مخلوق فما قدروا على ذلك وكل نبي فله عدو