فهو حق لما ذكرنا ووجود الواجد بذاته لا بوجود هو غيره لأن وجود الوجود لم يأت به نص ولا برهان وما كان هكذا فهو باطل وأما الباري D فإنه يجد نفسه ويعلمها ويجد ما دونه ويعلمه بذاته لا بوجود هو غيره ولا بعلم هو غيره فقط وكذلك العالم منا يقتضي علما ولا بد هو فعل العالم وصفته المحمولة فيه عرضا بيقين ويزيد ويذهب ويثبت أطوارا هذا ما لا شك فيه والعالم منا يعلم أنه يحمل علما بعلمه ذلك لا بعلم هو غير علمه لأن العلم بالعلم لم يوجب وجوده نص ولا برهان وما كان هكذا فهو باطل وكذلك الباقي مثله بلا شك والبقاء هو اتصال وجوده مدة بعد مدة وهذا معنى صحيح لا يجوزان ينكره عاقل فأما بقاء البقاء فلم يأت بإيجاب وجود نص و لاقام به برهان وما كان هكذا فهو باطل ولا يجوز أن يوصف لله تعالى ببقاء البقاء ولا أنه 1 باق كما لا يوصف بالخلد ولا بأنه خالد ولا بالدوام ولا بأنه دائم ولا بالثبات ولا بأنه ثابت ولا بطول العمر ولا بطول المدة لأن الله D لم يسم نفسه بشيء من ذلك لا في القرآن ولا على لسان رسول الله A ولا قاله قط أحد من الصحابة Bهم ولا قام به برهان بل البرهان قام ببطلان ذلك لأن كل ما ذكرنا من صفات المخلوقين ولا يجوز أن يوصف الله تعالى بشيء من صفات المخلوقين إلا أن يأتي نص بأن يسمى باسم ما فيوقف عنده ولأن كل ما ذكرنا إعراض فيما هو فيه والله تعالى لا يحمل الإعراض وأيضا فإنه D لا في زمان ولا يمر عليه زمان ولا هو متحرك ولا ساكن لكن يقال لم يزل الله تعالى ولا يزال وأما الفناء فإنه مدة للعدم تعدها أجزاء الحركات والسكون ولا يجوز أن تكون للمدة مدة لكنها مدة في نفسها ولنفسها فالقول بالزمان حق لأنه محسوس معلوم وأما القول بزمان الزمان فهو شيء لم يأت به نص ولا قام بصحته برهان وما كان هكذا فهو باطل وأما ظهور الظاهر فهو متيقن معلوم والظهور صفة الظاهر وفعله تقول ظهر يظهر ظهورا والظهور معلوم ظاهر بنفسه ولا يجوز آن يقال أن للظهور ظهورا لأنه لم يأت به نص ولا قام بصحته برهان وما كان هكذا فهو باطل وأما خفاء الخافي فهو عدم ظهوره والعدم ليس شيئا كما قدمنا وأما القصد إلى الشيء والنية له فإنما هما فعل القاصد والناوي وإرادتهما الشيء والقول بهما واجب لأنهما موجودان بالضرورة يجدهما كل واحد من نفسه وبعلمهما من غيره علما ضروريا وأما القصد إلى القصد والنية للنية فباطل لأنه لم يأت به نص ولا أوجبهما دليل وما كان هكذا فهو باطل والقول به لا يجوز فهذا وجه البيان فيما خفي عليهم حتى أتوا فيه بهذا التخليط والحمد لله رب العالمين .
قال أبو محمد ثم نقول لهم أخبرونا إذا قلتم هذه أحوال أهي معان ومسميات مضبوطة محدودة متميز بعضها من بعض أم ليست معاني أصلا ولا لها مسميات ولا هي مضبوطة ولا محدودة متميز بعضها من بعض فإن قالوا ليست معاني ولا محدودة ولا مضبوطة ولا متميزا بعضها من بعض ولا لتلك الأسماء مسميات أصلا قيل لهم فهذا هو معنى العدم حقا فلم قلتم أنها ليست معدومة ثم لم سميتموها أحوالا وهي معدومة ولا تكون التسمية إلا شرعية أو لغوية وتسميتكم هذه المعاني أحوالا ليست تسمية شرعية ولا لغوية ولا مصطلحا عليها لبيان ما يقع عليه فهي باطل محض بيقين فإن قالوا هي معان مضبوطة ولها مسميات محدودة متميزة بعضها من بعض قيل لهم هذه صفة الموجود ولا بد فلم قلتم أنها ليست موجودة وهذا ما لا مخلص لهم منه وبالله تعالى التوفيق .
قال أبو محمد ويقال لهم أيضا هذه الأحوال التي تقولون أمعقولة هي أم غير معقولة فإن قالوا هي معقولة كانوا قد اثبتوا لها معاني وحقائق من أجلها عقلت فهي موجودة ولا بد والعدم ليس معقولا لكنه لا معنى لهذه اللفظة أصلا وبالله تعالى التوفيق ويقال لهم أيضا هل الأحوال في اللغة